للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مِمَّا لاَ يَنْضَبِطُ بِالصِّفَةِ، كَالْجَوَاهِرِ وَنَحْوِهَا قَوْلاً وَاحِدًا؛ لأَِنَّ قِيمَتَهَا تَتَغَيَّرُ بِالزَّمَنِ الْيَسِيرِ بِاعْتِبَارِ قِلَّةِ الرَّاغِبِ وَكَثْرَتِهِ.

أَمَّا مَا يَنْضَبِطُ بِالصِّفَةِ كَالْمَذْرُوعِ وَالْمَعْدُودِ وَالْحَيَوَانِ، فَيَجِبُ رَدُّ قِيمَتِهِ يَوْمَ الْقَرْضِ لأَِنَّهَا تَثْبُتُ فِي ذِمَّتِهِ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ.

وَفِي وَجْهٍ آخَرَ يَجِبُ رَدُّ الْمِثْل صُورَةً؛ لأَِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَسْلَفَ مِنْ رَجُلٍ بَكْرًا فَرَدَّ مِثْلَهُ (١) .

٢٠ - وَمَا سَبَقَ بَيَانُهُ مِنْ مَذَاهِبِ الْفُقَهَاءِ فِي صِفَةِ بَدَل الْقَرْضِ، إِنَّمَا هُوَ مِنْ حَيْثُ الْمِثْل أَوِ الْقِيمَةُ لِمَحَل الْقَرْضِ، أَمَّا مِنْ حَيْثُ الْجَوْدَةُ وَالرَّدَاءَةُ فِي الْوَصْفِ، أَوِ الزِّيَادَةُ وَالنُّقْصَانُ فِي الْقَدْرِ، فَقَدْ ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَابْنُ حَبِيبٍ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ إِلَى أَنَّ الْمُقْتَرِضَ لَوْ قَضَى دَائِنَهُ بِبَدَلٍ خَيْرٍ مِنْهُ فِي الْقَدْرِ أَوِ الصِّفَةِ، أَوْ دُونَهُ، بِرِضَاهُمَا جَازَ مَا دَامَ أَنَّ ذَلِكَ جَرَى مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ أَوْ مُوَاطَأَةٍ (٢) ، وَذَلِكَ لِمَا صَحَّ عَنِ النَّبِيِّ أَنَّهُ اسْتَسْلَفَ بَكْرًا، فَرَدَّ خَيْرًا مِنْهُ، وَقَال: إِنَّ خِيَارَكُمْ أَحْسَنُكُمْ قَضَاءً (٣) ؛ وَلأَِنَّهُ لَمْ


(١) كشاف القناع ٣ / ٣١٥، والإنصاف ٥ / ١٢٩، والمغني ٤ / ٣٥٢.
(٢) المغني ٦ / ٤٣٨ وما بعدها، وروضة الطالبين ٤ / ٣٤، والمبدع ٤ / ٢١٠، وشرح منتهى الإرادات ٢ / ٢٢٧، والقوانين الفقهية ص ٢٩٤.
(٣) الحديث سبق تخريجه (ف ٤) .