للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَال: وَأَمَّا السَّلَفُ وَالْبَيْعُ؛ فَلأَِنَّهُ إِذَا أَقْرَضَهُ مِائَةً إِلَى سَنَةٍ، ثُمَّ بَاعَهُ مَا يُسَاوِي خَمْسِينَ بِمِائَةٍ، فَقَدْ جَعَل هَذَا الْبَيْعَ ذَرِيعَةً إِلَى الزِّيَادَةِ فِي الْقَرْضِ الَّذِي مُوجِبُهُ رَدُّ الْمِثْل، وَلَوْلاَ هَذَا الْبَيْعُ لَمَا أَقْرَضَهُ، وَلَوْلاَ عَقْدُ الْقَرْضِ لَمَا اشْتَرَى ذَلِكَ مِنْهُ (١) ، ثُمَّ قَال: وَهَذَا هُوَ مَعْنَى الرِّبَا (٢) .

وَلأَِنَّهُمَا جَعَلاَ رِفْقَ الْقَرْضِ ثَمَنًا، وَالشَّرْطُ لَغْوٌ، فَيَسْقُطُ بِسُقُوطِهِ بَعْضُ الثَّمَنِ، وَيَصِيرُ الْبَاقِي مَجْهُولاً، قَال الْخَطَّابِيُّ: وَذَلِكَ فَاسِدٌ؛ لأَِنَّهُ إِنَّمَا يُقْرِضُهُ عَلَى أَنْ يُحَابِيَهُ فِي الثَّمَنِ، فَيَدْخُل الثَّمَنُ فِي حَدِّ الْجَهَالَةِ (٣) .

وَلأَِنَّهُ شَرَطَ عَقْدًا فِي عَقْدٍ فَلَمْ يَجُزْ، كَمَا لَوْ بَاعَهُ دَارَهُ بِشَرْطِ أَنْ يَبِيعَهُ الآْخَرُ دَارَهُ، وَإِنْ شَرَطَ أَنْ يُؤَجِّرَهُ دَارَهُ بِأَقَل مِنْ أُجْرَتِهَا، أَوْ عَلَى أَنْ يَسْتَأْجِرَ دَارَ الْمُقْرِضِ بِأَكْثَرَ مِنْ أُجْرَتِهَا كَانَ أَبْلَغَ فِي التَّحْرِيمِ (٤) .

وَلأَِنَّ الْقَرْضَ لَيْسَ مِنْ عُقُودِ الْمُعَاوَضَةِ، وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ عُقُودِ الْبِرِّ وَالْمُكَارَمَةِ، فَلاَ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ لَهُ عِوَضٌ، فَإِنْ قَارَنَ الْقَرْضَ عَقْدُ


(١) تهذيب ابن القيم لمختصر سنن أبي داود للمنذري ٥ / ١٤٩.
(٢) إعلام الموقعين عن رب العالمين ٣ / ١٥٣ مط السعادة بمصر.
(٣) معالم السنن للخطابي ٥ / ١٤٤ (مطبوع مع مختصر سنن أبي داود للمنذري) .
(٤) المغني ٦ / ٤٣٧.