للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَال الشَّافِعِيَّةُ: لَوْ قَال لِغَيْرِهِ اقْتَرِضْ لِي مِائَةً وَلَكَ عَلَيَّ عَشَرَةٌ فَهُوَ جَعَالَةٌ (١) .

وَقَال الإِْمَامُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: مَا أُحِبُّ أَنْ يَقْتَرِضَ بِجَاهِهِ لإِِخْوَانِهِ، قَال الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى: يَعْنِي إِذَا كَانَ مَنْ يُقْتَرَضُ لَهُ غَيْرَ مَعْرُوفٍ بِالْوَفَاءِ، لِكَوْنِهِ تَغْرِيرًا بِمَال الْمُقْرِضِ وَإِضْرَارًا بِهِ، أَمَّا إِذَا كَانَ مَعْرُوفًا بِالْوَفَاءِ فَلاَ يُكْرَهُ؛ لِكَوْنِهِ إِعَانَةً لَهُ وَتَفْرِيجًا لِكُرْبَتِهِ (٢) .

وَعَلَى هَذَا، فَإِذَا اسْتَقْرَضَ الإِْنْسَانُ لِغَيْرِهِ بِجَاهِهِ، قَال الْحَنَابِلَةُ: لَهُ أَخْذُ جُعْلٍ مِنْهُ مُقَابِل اقْتِرَاضِهِ لَهُ بِجَاهِهِ، بِخِلاَفِ أَخْذِ الْجُعْل عَلَى كَفَالَتِهِ لَهُ، فَإِنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ (٣) ، قَال ابْنُ قُدَامَةَ: لَوْ قَال: اقْتَرِضْ لِي مِنْ فُلاَنٍ مِائَةً، وَلَكَ عَشَرَةٌ، فَلاَ بَأْسَ، وَلَوْ قَال: اكْفُل عَنِّي وَلَكَ أَلْفٌ لَمْ يَجُزْ، وَذَلِكَ لأَِنَّ قَوْلَهُ اقْتَرِضْ لِي وَلَكَ عَشَرَةٌ جَعَالَةٌ عَلَى فِعْلٍ مُبَاحٍ، فَجَازَتْ، كَمَا لَوْ قَال: ابْنِ لِي هَذَا الْحَائِطَ وَلَكَ عَشَرَةٌ، وَأَمَّا الْكَفَالَةُ، فَإِنَّ الْكَفِيل يَلْزَمُهُ الدَّيْنُ، فَإِذَا أَدَّاهُ وَجَبَ لَهُ عَلَى الْمَكْفُول مِثْلُهُ، فَصَارَ كَالْقَرْضِ، فَإِذَا أَخَذَ عِوَضًا صَارَ الْقَرْضُ جَارًّا لِلْمَنْفَعَةِ، فَلَمْ يَجُزْ (٤) .

وَفِي مَذْهَبِ الْمَالِكِيَّةِ: اخْتُلِفَ فِي ثَمَنِ


(١) مغني المحتاج ٢ / ١٢٠.
(٢) كشاف القناع ٣ / ٣٠٦، والمغني ٦ / ٤٣٠.
(٣) شرح منتهى الإرادات ٢ / ٢٢٥، وكشاف القناع ٣ / ٣٠٦، والمبدع ٤ / ٢١٢.
(٤) المغني ٦ / ٤٤١.