للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وَمِنْ هَذَا الْعَرْضِ يَبْدُو اتِّفَاقُ الْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ عَلَى الْعَمَل بِقَرَائِنِ الأَْحْوَال بِصِفَةٍ مُطْلَقَةٍ بِدُونِ قُيُودٍ وَلاَ حُدُودٍ، وَمَصَادِرُ مَذْهَبَيْهِمْ تَشْهَدُ بِذَلِكَ (١) .

وَأَمَّا الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فَقَدْ عَمِلُوا بِالْقَرَائِنِ فِي حُدُودٍ ضَيِّقَةٍ، وَيَعْتَدُّونَ بِالْقَرِينَةِ الْحِسِّيَّةِ وَالْحَالِيَّةِ، وَبِالْقَرِينَةِ الْقَاطِعَةِ فَقَدْ ذَكَرَ الْعَلاَّمَةُ ابْنُ نُجَيْمٍ عِنْدَ إِحْصَائِهِ لِلْحُجَجِ الَّتِي يَعْتَمِدُهَا الْقَاضِي، فَقَال: إِنَّ الْحُجَّةَ بَيِّنَةٌ عَادِلَةٌ، أَوْ إِقْرَارٌ، أَوْ نُكُولٌ عَنْ يَمِينٍ، أَوْ يَمِينٌ، أَوْ قَسَامَةٌ، أَوْ عِلْمُ الْقَاضِي بَعْدَ تَوَلِّيهِ، أَوْ قَرِينَةٌ قَاطِعَةٌ، وَقَال: وَقَدْ أَوْضَحْنَا ذَلِكَ فِي الشَّرْحِ مِنَ الدَّعْوَى.

وَذُكِرَ أَنَّهُ لاَ يُقْضَى بِالْقَرِينَةِ إِلاَّ فِي مَسَائِل ذَكَرَهَا فِي الشَّرْحِ فِي بَابِ التَّحَالُفِ.

وَقَدْ نَصَّ الْمُزَنِيُّ فِي كِتَابِهِ عَلَى أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ الْحُكْمُ بِالظُّنُونِ، بَعْدَ ذِكْرِ النِّزَاعِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ عَلَى مَتَاعِ الْبَيْتِ، وَتَنَازُعِ عَطَّارٍ وَدَبَّاغٍ، وَأَنَّهُ لَوْ صَحَّ اسْتِعْمَال الظُّنُونِ لَقُضِيَ بِالْعِطْرِ لِلْعَطَّارِ، وَالدِّبَاغِ لِلدَّبَّاغِ (٢) .


(١) التبصرة لابن فرحون ٢ / ٩٥ وما بعدها، والطرق الحكمية ص ١٩٤.
(٢) مختصر المزني على هامش كتاب الأم ٥ / ٢٦٦، وكتاب تبويب الأشباه والنظائر ص ٣١٠ للشيخ محمد أبي الفتح المفتي الحنفي.