للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْقَتْل لاَ يُبَالِي بِقَوْلِهِ، فَإِنَّهُ دَعْوَى مُحَالٍ. وَلَوْ قَال: قَتَل أَبِي أَحَدُ هَذَيْنِ، أَوْ وَاحِدٌ مِنْ هَؤُلاَءِ الْعَشَرَةِ، وَطَلَبَ مِنَ الْقَاضِي أَنْ يَسْأَلَهُمْ، وَيُحَلِّفَ كُل وَاحِدٍ مِنْهُمْ فَهَل يُجِيبُهُ؟ وَجْهَانِ: أَصَحُّهُمَا لاَ، وَلَوْ قَال فِي دَعْوَاهُ عَلَى حَاضِرِينَ قَتَلَهُ أَحَدُهُمْ، أَوْ قَتَلَهُ هَذَا أَوْ هَذَا، وَطَلَبَ تَحْلِيفَهُمْ لَمْ يُحَلِّفْهُمُ الْقَاضِي عَلَى الأَْصَحِّ، لإِِبْهَامِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، فَلاَ تُسْمَعُ هَذِهِ الدَّعْوَى (١) ، وَذَلِكَ مِثْل لَوِ ادَّعَى وَدِيعَةً، أَوْ دَيْنًا عَلَى أَحَدِ الرَّجُلَيْنِ أَوِ الرِّجَال، لَمْ يُسْمَعْ.

وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: إِنَّ تَعْيِينَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لاَ يُشْرَطُ لِلْقَسَامَةِ، بَل إِنَّهُ إِذَا عَيَّنَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَقَدِ اخْتَلَفُوا، فَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ: لاَ تَسْقُطُ الْقَسَامَةُ، كَمَا لَوْ لَمْ يُعَيِّنْ؛ لأَِنَّ الشَّارِعَ أَوْجَبَ الْقَسَامَةَ ابْتِدَاءً عَلَى أَهْل الْمَحَلَّةِ، فَتَعْيِينُهُ وَاحِدًا مِنْهُمْ لاَ يُنَافِي مَا شَرَعَهُ الشَّارِعُ، فَتَثْبُتُ الْقَسَامَةُ وَالدِّيَةُ عَلَى أَهْل الْمَحَلَّةِ.

وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ فِي غَيْرِ رِوَايَةِ الأُْصُول: أَنَّ الْقَسَامَةَ وَالدِّيَةَ تَسْقُطُ عَنِ الْبَاقِينَ مِنْ أَهْل الْمَحَلَّةِ، وَيُكَلَّفُ الْوَلِيُّ بِالْبَيِّنَةِ، وَإِلاَّ حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَمِينًا وَاحِدًا (٢) .


(١) نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج ٧ / ٣٦٨، والوجيز في الفقه للغزالي ٢ / ١٥٨.
(٢) ابن عابدين ٥ / ٤٠٣، وتكملة فتح القدير ٨ / ٣٨٨.