للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

١٤ - أَمَّا قِسْمَةُ التَّرَاضِي: فَلاَ يُشْتَرَطُ فِيهَا انْتِفَاءُ الضَّرَرِ، بَل الرِّضَا بِهِ مِمَّنْ يَقَعُ عَلَيْهِ، وَاحِدًا كَانَ أَوْ أَكْثَرَ (١) ، حَتَّى لَوْ كَانَتِ الْقِسْمَةُ ضَارَّةً بِجَمِيعِ الشُّرَكَاءِ لَكِنَّهُمْ رَضَوْا بِهَا فَهَذَا شَأْنُهُمْ وَحْدَهُمْ؛ لأَِنَّ الْحَقَّ لَهُمْ لاَ يَعْدُوهُمْ، وَهُمْ أَدْرَى بِحَاجَاتِهِمْ، فَلاَ يَكُونُ ثَمَّ مَانِعٌ مِنْهَا وَقَدْ رَضُوا بِضَرَرِ أَنْفُسِهِمْ (٢) .

١٥ - وَلاَ يُخَالِفُ أَحَدٌ مِنْ أَهْل الْعِلْمِ عَلَى الإِْجْمَاعِ فِي أَنَّ الْقِسْمَةَ تَتَنَوَّعُ إِلَى: قِسْمَةِ تَرَاضٍ وَقِسْمَةِ إِجْبَارٍ، وَلَكِنَّهُمْ يَخْتَلِفُونَ فِي تَفْصِيل ذَلِكَ.

فَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ لَمْ تَتَّفِقْ كَلِمَتُهُمْ عَلَى قَبُول الْقِسْمَةِ لِلإِْجْبَارِ إِلاَّ فِي قِسْمَةِ الإِْفْرَازِ (قِسْمَةِ الْمُتَشَابِهَاتِ) - بِالْمَعْنَى الَّذِي سَبَقَ (ف ٩) ؛ لأَِنَّ الطَّالِبَ يُرِيدُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِمَالِهِ عَلَى الْكَمَال، وَأَنْ يَتَخَلَّصَ مِنْ سُوءِ الْمُشَارَكَةِ، دُونَ إِضْرَارٍ بِأَحَدٍ (٣) .

كَمَا لَمْ يَتَّفِقُوا عَلَى امْتِنَاعِ الإِْجْبَارِ إِلاَّ فِي قِسْمَةِ الرَّدِّ؛ لأَِنَّهُ فِيهَا تَمْلِيكُ مَا لاَ شَرِكَةَ فِيهِ، وَالشَّأْنُ فِيهِ أَلاَّ يَقْبَل الإِْجْبَارُ (٤) ، أَمَّا فِي قِسْمَةِ التَّعْدِيل بِمَعْنَاهَا السَّابِقِ (ف ١٠) فَمِنْهُمْ، وَهُوَ قَوْلٌ لِلشَّافِعِيِّ نَفْسِهِ، مَنْ يَمْنَعُ قَبُولَهَا


(١) بدائع الصنائع ٧ / ٢١.
(٢) تكملة فتح القدير ٨ / ٣٥٨.
(٣) المهذب ٢ / ٣٠٧.
(٤) مغني المحتاج ٤ / ٤٢٣، والمغني لابن قدامة ١١ / ٤٩٣.