للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْقَاسِمُ وَيَشْتَطَّ، وَمَعَ ذَلِكَ لاَ يَلْزَمُهُمْ بِالْقَاسِمِ الَّذِي يَنْصِبُهُ، بَل يَدَعُ لَهُمُ الْخِيَارَ، فَإِنْ شَاءُوا قَسَمَ لَهُمْ، وَإِنْ شَاءُوا اسْتَأْجَرُوا غَيْرَهُ، وَلاَ سَبِيل إِلَى إِجْبَارِهِمْ عَلَى تَوْكِيل قَاسِمٍ بِعَيْنِهِ، كَمَا أَنَّهُ لِلْمَصْلَحَةِ الْعَامَّةِ لاَ يَدَعُ الْقَسَّامِينَ، يَعْمَلُونَ فِي شَرِكَةٍ مَعًا؛ لِئَلاَّ يَتَوَاطَئُوا، وَيَزِيدُوا فِي الأُْجْرَةِ (١) .

وَاتِّخَاذُ الْقَاسِمِ الدَّائِمِ يَظَل مَنْدُوبًا إِلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يُقَرَّرْ لَهُ أُجْرَةٌ فِي بَيْتِ الْمَال؛ لأَِنَّ الْقَاضِيَ أَعْرَفُ بِمَنْ يَصْلُحُ لِهَذَا الْغَرَضِ؛ وَلأَِنَّ قَاسِمَ الْقَاضِي أَعَمُّ نَفْعًا، إِذْ تَنْفُذُ قِسْمَتُهُ عَلَى الْمَحْجُورِ وَالْغَائِبِ، بِخِلاَفِ قِسْمَةِ غَيْرِهِ (٢) .

ثُمَّ الْقِسْمَةُ تُشْبِهُ الْقَضَاءَ؛ لأَِنَّهَا تَدْخُل فِي وِلاَيَةِ الْقَاضِي، وَيُلْزَمُ بِهَا الآْبِي، وَلَكِنَّهَا لَيْسَتْ مِنْهُ عَلَى التَّحْقِيقِ، وَلِذَا لاَ تَجِبُ عَلَى الْقَاضِي مُبَاشَرَتُهَا بِنَفْسِهِ، فَمِنْ أَجْل كَوْنِهَا لَيْسَتْ قَضَاءً، إِذَا تَوَلاَّهَا الْقَاضِي يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ أُجْرَتَهَا مِنَ الْمُتَقَاسِمِينَ، وَلَكِنْ لِمَكَانِ شَبَهِهَا بِالْقَضَاءِ يَكُونُ الأَْوْلَى لَهُ أَنْ لاَ يَأْخُذَ (٣) .

هَكَذَا قَرَّرَ الْحَنَفِيَّةُ، وَلاَ يُخَالِفُ أَحَدٌ مِنْ أَهْل الْفِقْهِ فِي أَنَّ أُجْرَةَ قَاسِمِ الشُّرَكَاءِ عَلَى الشُّرَكَاءِ، وَلاَ فِي أَنَّ نَصْبَ الْحَاكِمِ قَاسِمًا


(١) تكملة فتح القدير ٨ / ٣٥٠ - ٣٥١، رد المحتار ٥ / ١٦٨.
(٢) بدائع الصنائع ٧ / ١٩.
(٣) العناية مع تكملة فتح القدير ٨ / ٣٥١.