للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مَعَ الْفَارِقِ، فَلَوْ لَمْ تُشْرَعِ الشُّفْعَةُ لَلَزِمَ ضَرَرٌ مُتَجَدِّدٌ عَلَى الدَّوَامِ، وَلاَ كَذَلِكَ الْبَيْعُ مَعَ الشَّرِيكِ (١) ، وَلَعَلَّهُ لِذَلِكَ عَدَل ابْنُ رُشْدٍ الْحَفِيدُ إِلَى الاِسْتِدْلاَل بِمُجَرَّدِ الاِسْتِصْلاَحِ دَفْعًا لِلضَّرَرِ، مَعَ أَنَّ فِيهِ إِنْزَال ضَرَرٍ بِالشَّرِيكِ الْمُمْتَنِعِ، فَهِيَ إِذَنْ مُوَازَنَةٌ بَيْنَ الضَّرَرَيْنِ، أَلاَ تَرَاهُ يَقُول: وَهَذَا مِنْ بَابِ الْقِيَاسِ الْمُرْسَل (٢) .

وَالْحَنَابِلَةُ فِي مُعْتَمَدِهِمْ يُوَافِقُونَ الْمَالِكِيَّةَ عَلَى إِجْبَارِ الشَّرِيكِ عَلَى الْبَيْعِ مَعَ شَرِيكِهِ، بَل يُطْلِقُونَ الْقَوْل بِأَنَّ مَنْ دَعَا شَرِيكَهُ إِلَى الْبَيْعِ فِي كُل مَا لاَ يَنْقَسِمُ إِلاَّ بِضَرَرٍ أَوْ رَدِّ عِوَضٍ أُجْبِرَ عَلَى إِجَابَتِهِ، فَإِنْ أَبَى بِيعَ عَلَيْهِمَا وَقُسِمَ الثَّمَنُ وَيَزِيدُونَ أَنَّهُ لَوْ دُعِيَ إِلَى الإِْجَارَةِ أُجْبِرَ أَيْضًا (٣) .

وَقَدْ ذَهَبَ كَثِيرٌ مِنَ الْحَنَابِلَةِ إِلَى أَنَّ طَلَبَ الْبَيْعِ لَيْسَ حَتْمًا لإِِجْبَارِ الشَّرِيكِ عَلَى الْبَيْعِ مَعَ شَرِيكِهِ، بَل يَكْفِي طَلَبُ الْقِسْمَةِ؛ لأَِنَّ حَقَّ الشَّرِيكِ فِي نِصْفِ الْقِيمَةِ لاَ فِي قِيمَةِ النِّصْفِ، فَلاَ يَصِل إِلَى حَقِّهِ إِلاَّ بِبَيْعِ الْكُل، وَلِذَا أَمَرَ الشَّرْعُ فِي السِّرَايَةِ أَنْ يُقَوَّمَ الْعَبْدُ كُلُّهُ، ثُمَّ يُعْطَى الشُّرَكَاءُ قِيمَةَ حِصَصِهِمْ (٤) .


(١) بدائع الصنائع ٧ / ٢٠، مغني المحتاج ٤ / ٤٢٦.
(٢) بداية المجتهد ٢ / ٢٦٨.
(٣) الفروع ٣ / ٨٤٦.
(٤) قواعد ابن رجب ١٤٥.