للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْوَجْهِ الآْتِي:

يَرَى الْحَنَفِيَّةُ أَنَّ مَنْ يَصِحُّ تَوْلِيَتُهُ الْقَضَاءَ هُوَ مَنْ يَكُونُ أَهْلاً لأَِدَاءِ الشَّهَادَةِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَشُرُوطُ الشَّهَادَةِ هِيَ: الإِْسْلاَمُ وَالْعَقْل وَالْبُلُوغُ وَالْحُرِّيَّةُ، وَالْبَصَرُ، وَالنُّطْقُ، وَالسَّلاَمَةُ عَنْ حَدِّ الْقَذْفِ، فَلاَ يَجُوزُ تَقْلِيدُ الْكَافِرِ وَالْمَجْنُونِ وَالصَّبِيِّ وَالْعَبْدِ وَالأَْعْمَى وَالأَْخْرَسِ وَالْمَحْدُودِ فِي الْقَذْفِ؛ لأَِنَّ الْقَضَاءَ مِنْ بَابِ الْوِلاَيَةِ، بَل هُوَ أَعْظَمُ الْوِلاَيَاتِ، وَهَؤُلاَءِ لَيْسَتْ لَهُمْ أَهْلِيَّةُ أَدْنَى الْوِلاَيَاتِ وَهِيَ الشَّهَادَةُ؛ فَلأََنْ لاَ يَكُونَ لَهُمْ أَهْلِيَّةُ أَعْلاَهَا أَوْلَى.

وَأَمَّا الذُّكُورَةُ فَلَيْسَتْ مِنْ شُرُوطِ جَوَازِ التَّقْلِيدِ فِي الْجُمْلَةِ؛ لأَِنَّ الْمَرْأَةَ مِنْ أَهْل الشَّهَادَاتِ فِي الْجُمْلَةِ، إِلاَّ أَنَّهَا لاَ تَقْضِي فِي الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ، لأَِنَّهُ لاَ شَهَادَةَ لَهَا فِي ذَلِكَ، وَأَهْلِيَّةُ الْقَضَاءِ تَدُورُ مَعَ أَهْلِيَّةِ الشَّهَادَةِ. (١)

وَأَمَّا اشْتِرَاطُ عِلْمِ الْقَاضِي بِالْحَلاَل وَالْحَرَامِ وَسَائِرِ الأَْحْكَامِ فَقَدِ اخْتَلَفَ فُقَهَاءُ الْحَنَفِيَّةِ فِي ذَلِكَ، فَيَرَى فَرِيقٌ أَنَّ هَذَا لَيْسَ بِشَرْطٍ لِجَوَازِ التَّقْلِيدِ، بَل هُوَ شَرْطُ نَدْبٍ وَاسْتِحْبَابٍ؛ لأَِنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَقْضِيَ بِعِلْمِ غَيْرِهِ بِالرُّجُوعِ إِلَى فَتْوَى غَيْرِهِ مِنَ الْعُلَمَاءِ، لَكِنْ مَعَ هَذَا لاَ يَنْبَغِي أَنْ


(١) بدائع الصنائع للكاساني ٧ / ٣، وابن عابدين ٥ / ٣٥٤.