للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَاضِيًا حَتَّى يَكُونَ فِيهِ خَمْسُ خِصَالٍ، فَإِنْ أَخْطَأَتْهُ وَاحِدَةٌ كَانَتْ فِيهِ وَصْمَةٌ وَإِنْ أَخْطَأَتْهُ اثْنَتَانِ كَانَتْ فِيهِ وَصْمَتَانِ حَتَّى يَكُونَ عَالِمًا بِمَا كَانَ قَبْلَهُ مُسْتَشِيرًا لِذِي الرَّأْيِ ذَا نَزَاهَةٍ عَنِ الطَّمَعِ حَلِيمًا عَنِ الْخَصْمِ مُحْتَمِلاً لِلاَّئِمَةِ (١) .

وَآدَابُ الْقَضَاءِ كَثِيرَةٌ، وَالأَْصْل فِيهَا مَا وَرَدَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَخُلَفَائِهِ الرَّاشِدِينَ، وَمِنْ ذَلِكَ كِتَابُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِلَى أَبِي مُوسَى الأَْشْعَرِيِّ لَمَّا وَلاَّهُ الْقَضَاءَ، وَقَدْ نَقَلَهُ ابْنُ الْقَيِّمِ فِي كِتَابِ إِعْلاَمِ الْمُوَقِّعِينَ وَنَصُّهُ: (٢) إِنَّ الْقَضَاءَ فَرِيضَةٌ مُحْكَمَةٌ، وَسُنَّةٌ مُتَّبَعَةٌ، فَافْهَمْ إِذَا أُدْلِيَ إِلَيْكَ، فَإِنَّهُ لاَ يَنْفَعُ تَكَلُّمٌ بِحَقٍّ لاَ نَفَاذَ لَهُ، وَآسِ بَيْنَ النَّاسِ فِي وَجْهِكَ وَمَجْلِسِكَ وَقَضَائِكَ، حَتَّى لاَ يَطْمَعَ شَرِيفٌ فِي حَيْفِكَ، وَلاَ يَيْأَسَ ضَعِيفٌ مِنْ عَدْلِكَ، الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي، وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ، وَالصُّلْحُ جَائِزٌ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، إِلاَّ صُلْحًا أَحَل حَرَامًا أَوْ حَرَّمَ حَلاَلاً، وَمَنِ ادَّعَى حَقًّا غَائِبًا أَوْ بَيِّنَةً فَاضْرِبْ لَهُ أَمَدًا يَنْتَهِي إِلَيْهِ، فَإِنْ بَيَّنَهُ أَعْطَيْتَهُ بِحَقِّهِ، وَإِنْ أَعْجَزَهُ ذَلِكَ، اسْتَحْلَلْتَ عَلَيْهِ الْقَضِيَّةَ، فَإِنَّ ذَلِكَ هُوَ أَبْلَغُ فِي الْعُذْرِ


(١) قول عمر بن عبد العزيز: " لا ينبغي للرجل. . . " أخرجه البيهقي (١٠ / ١١٧) .
(٢) تختلف المصادر التي نقلت كتاب عمر بن الخطاب في بعض ألفاظه لكن المعالي غير متفاوتة، ويسمى هذا الكتاب سياسة القضاء، وقد شرحه ابن القيم في كتابه إعلام الموقعين شرحًا وافيًا مستفيضًا.