للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مَا لَيْسَ مِنْ مُقْتَضَيَاتِ الْعَقْدِ فَالْبَيْعُ الصَّحِيحُ مُقْتَضَاهُ خُرُوجُ الْمَبِيعِ عَنْ مِلْكِ الْبَائِعِ، وَدُخُولُهُ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي، وَاسْتِحْقَاقُ التَّسْلِيمِ وَالتَّسَلُّمِ فِي كُلٍّ مِنَ الثَّمَنِ وَالْمُثَمَّنِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، فَإِنَّ هَذِهِ وَإِنْ كَانَتْ مِنْ مُوجِبَاتِهِ لَكِنَّهَا مُقْتَضَيَاتٌ لاَزِمَةٌ لَهُ، فَيَكُونُ الْحُكْمُ بِهِ حُكْمًا بِهَا بِخِلاَفِ ثُبُوتِ الشُّفْعَةِ فِيهِ لِلْخَلِيطِ أَوْ لِلْجَارِ مَثَلاً، فَإِنَّ الْعَقْدَ لاَ يَقْتَضِي ذَلِكَ أَيْ لاَ يَسْتَلْزِمُهُ، فَكَمْ مِنْ بَيْعٍ لاَ تُطْلَبُ فِيهِ الشُّفْعَةُ، فَهَذَا يُسَمَّى مُوجِبَ الْبَيْعِ، وَلاَ يُسَمَّى مُقْتَضًى (١) .

وَقَدْ ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْحُكْمَ أَنْوَاعٌ سِتَّةٌ:

الْحُكْمُ بِصِحَّةِ الْعَقْدِ كَالْبَيْعِ مَثَلاً، وَالْحُكْمُ بِمُوجِبِهِ، وَالْحُكْمُ بِمُوجِبِ مَا ثَبَتَ عِنْدَهُ، وَالْحُكْمُ بِمُوجِبِ مَا قَامَتْ بِهِ الْبَيِّنَةُ عِنْدَهُ، وَالْحُكْمُ بِمُوجِبِ مَا أَشْهَدَ بِهِ عَلَى نَفْسِهِ، وَالْحُكْمُ بِثُبُوتِ مَا شَهِدَتْ بِهِ الْبَيِّنَةُ، وَأَدْنَى هَذِهِ الأَْنْوَاعِ الأَْخِيرُ؛ لأَِنَّهُ لاَ يَزِيدُ عَلَى أَنْ يَكُونَ حُكْمًا بِتَعْدِيل الْبَيِّنَةِ، وَفَائِدَتُهُ عَدَمُ احْتِيَاجِ حَاكِمٍ آخَرَ إِلَى النَّظَرِ فِيهَا، وَأَعْلاَهَا الْحُكْمُ بِالصِّحَّةِ أَوْ بِالْمُوجِبِ وَلَيْسَ أَحَدُهُمَا أَعْلَى مِنَ الآْخَرِ، بَل يَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِاخْتِلاَفِ الأَْشْيَاءِ، فَفِي شَيْءٍ مِنْهَا يَكُونُ الْحُكْمُ بِالصِّحَّةِ


(١) ابن عابدين ٥ / ٣٩٧.