للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اعْتِكَافَ شَهْرٍ بِغَيْرِ عَيْنِهِ يَلْزَمُهُ الاِسْتِقْبَال، لأَِنَّهُ يَلْزَمُهُ مُتَتَابِعًا فَيُرَاعَى فِيهِ صِفَةُ التَّتَابُعِ، وَسَوَاءٌ فَسَدَ بِصُنْعِهِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ، كَالْخُرُوجِ وَالْجِمَاعِ وَالأَْكْل وَالشُّرْبِ فِي النَّهَارِ، إِلاَّ الرِّدَّةَ، أَوْ فَسَدَ بِصُنْعِهِ لِعُذْرٍ، كَمَا إِذَا مَرِضَ فَاحْتَاجَ إِلَى الْخُرُوجِ فَخَرَجَ، أَوْ بِغَيْرِ صُنْعِهِ رَأْسًا، كَالْحَيْضِ وَالْجُنُونِ وَالإِْغْمَاءِ الطَّوِيل، لأَِنَّ الْقَضَاءَ يَجِبُ جَبْرًا لِلْفَائِتِ، وَالْحَاجَةُ إِلَى الْجَبْرِ مُتَحَقِّقَةٌ فِي الأَْحْوَال كُلِّهَا، إِلاَّ أَنَّ سُقُوطَ الْقَضَاءِ فِي الرِّدَّةِ عُرِفَ بِالنَّصِّ، وَهُوَ قَوْله تَعَالَى {قُل لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} (١) ، وَقَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الإِْسْلاَمُ يَجُبُّ مَا قَبْلَهُ (٢) ، وَالْقِيَاسُ فِي الْجُنُونِ الطَّوِيل أَنْ يَسْقُطَ الْقَضَاءُ، كَمَا فِي صَوْمِ رَمَضَانَ، إِلاَّ أَنَّ فِي الاِسْتِحْسَانِ يَقْضِي، لأَِنَّ سُقُوطَ الْقَضَاءِ فِي صَوْمِ رَمَضَانَ إِنَّمَا كَانَ لِدَفْعِ الْحَرَجِ، لأَِنَّ الْجُنُونَ إِذَا طَال قَلَّمَا يَزُول، فَيَتَكَرَّرُ عَلَيْهِ صَوْمُ رَمَضَانَ، فَيُحْرَجُ فِي قَضَائِهِ، وَهَذَا الْمَعْنَى لاَ يَتَحَقَّقُ فِي الاِعْتِكَافِ، وَأَمَّا اعْتِكَافُ التَّطَوُّعِ إِذَا قَطَعَهُ قَبْل تَمَّامِ الْيَوْمِ فَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ الأَْصْل، وَفِي رِوَايَةِ الْحَسَنِ يَقْضِي، بِنَاءً عَلَى


(١) سورة الأنفال / ٣٨.
(٢) حديث: " الإسلام يجب ما قبله ". أخرجه أحمد (٤ / ١٩٩) بهذا اللفظ من حديث عمرو بن العاص رضي الله عنه مرفوعًا.