للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَا رَسُول اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ، فَهَل عَلَى الْمَرْأَةِ مِنْ غُسْلٍ إِذَا احْتَلَمَتْ؟ فَقَال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: نَعَمْ إِذَا رَأَتِ الْمَاءَ فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: وَتَحْتَلِمُ الْمَرْأَةُ؟ فَقَال: تَرِبَتْ يَدَاكِ، فَبِمَ يُشْبِهُهَا وَلَدُهَا (١) .

وَالاِسْتِدْلاَل بِهِ: أَنَّ إِخْبَارَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ يَسْتَلْزِمُ أَنَّهُ (أَيِ الشَّبَهَ) مَنَاطٌ شَرْعِيٌّ، وَإِلاَّ لَمَا كَانَ لِلإِْخْبَارِ فَائِدَةٌ يُعْتَدُّ بِهَا (٢) .

وَمِمَّا اسْتَدَلُّوا بِهِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ يَلِيطُ - أَيْ: يُلْحِقُ - أَوْلاَدَ الْجَاهِلِيَّةِ بِمَنِ ادَّعَاهُمْ فِي الإِْسْلاَمِ فِي حُضُورِ الصَّحَابَةِ دُونَ إِنْكَارٍ مِنْهُمْ، وَكَانَ يَدْعُو الْقَافَةَ وَيَعْمَل بِقَوْلِهِمْ، فَدَل هَذَا عَلَى جَوَازِ الْعَمَل بِهِ (٣) .

وَكَذَلِكَ فَإِنَّ أُصُول الشَّرْعِ وَقَوَاعِدَهُ وَالْقِيَاسَ الصَّحِيحَ يَقْتَضِي اعْتِبَارَ الشَّبَهِ فِي لُحُوقِ النَّسَبِ، وَالشَّارِعُ مُتَشَوِّفٌ إِلَى اتِّصَال الأَْنْسَابِ وَعَدَمِ انْقِطَاعِهَا، وَلِهَذَا اكْتَفَى فِي ثُبُوتِهَا بِأَدْنَى الأَْسْبَابِ مِنْ شَهَادَةِ الْمَرْأَةِ الْوَاحِدَةِ عَلَى الْوِلاَدَةِ وَالدَّعْوَى الْمُجَرَّدَةِ مَعَ الإِْمْكَانِ وَظَاهِرِ الْفِرَاشِ، فَلاَ يُسْتَبْعَدُ أَنْ يَكُونَ الشَّبَهُ


(١) حديث أم سليم قالت: " يا رسول الله إن الله لا يستحيي من الحق. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري ١ / ٢٢٨ - ٢٢٩) ، ومسلم (١ / ٢٥١) .
(٢) نيل الأوطار ٧ / ٨٢.
(٣) الموطأ ٢ / ٢١٥.