للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حَدَثَ فِي قَضِيَّةِ الْعُرَنِيِّينَ، فَقَدْ وَرَدَ أَنَّ قَوْمًا مِنْ عُرَيْنَةَ قَدِمُوا عَلَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَتَلُوا رَاعِيَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاسْتَاقُوا النَّعَمَ، فَبَعَثَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي طَلَبِهِمْ قَافَةً فَأُتِيَ بِهِمْ (١) .

وَيُرْجَعُ إِلَيْهِ كَذَلِكَ فِي جَمْعِ الأَْدِلَّةِ وَالْكَشْفِ عَنْ كَيْفِيَّةِ ارْتِكَابِ الْجِنَايَةِ.

وَيُعَدُّ رَأْيُ الْقَائِفِ شَهَادَةً تَثْبُتُ بِهَا الْحُقُوقُ وَالدَّعَاوَى عِنْدَ الْفُقَهَاءِ، مِثَالُهُ فِيمَا ذَكَرَهُ ابْنُ تَيْمِيَّةَ: أَنْ يَدَّعِيَ شَخْصٌ أَنَّهُ ذَهَبَ مِنْ مَالِهِ شَيْءٌ، وَيَثْبُتَ ذَلِكَ، فَيَقْتَصُّ الْقَائِفُ أَثَرَ الْوَطْءِ مِنْ مَكَانٍ إِلَى مَكَانٍ آخَرَ، فَشَهَادَةُ الْقَائِفِ أَنَّ الْمَال دَخَل إِلَى هَذَا الْمَوْضِعِ تُوجِبُ أَحَدَ الأَْمْرَيْنِ: إِمَّا الْحُكْمُ بِهِ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ بِهِ مَعَ الْيَمِينِ لِلْمُدَّعِي، وَهُوَ الأَْقْرَبُ، فَإِنَّ هَذِهِ الأَْمَارَاتِ تُرَجِّحُ جَانِبَ الْمُدَّعِي، وَالْيَمِينُ مَشْرُوعَةٌ فِي أَقْوَى الْجَانِبَيْنِ (٢) ، وَقَدْ حَكَمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالأَْثَرِ فِي السَّيْفِ كَمَا يَذْكُرُ ابْنُ فَرْحُونَ (٣) فِي قِصَّةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُنَيْسٍ وَأَصْحَابِهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ لَمَّا دَخَلُوا الْحِصْنَ عَلَى ابْنِ أَبِي الْحُقَيْقِ لِيَقْتُلُوهُ، وَكَانَ ذَلِكَ لَيْلاً، فَوَقَعُوا فِيهِ بِالسُّيُوفِ، وَوَضَعَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُنَيْسٍ السَّيْفَ


(١) حديث " العرينين ". أخرجه أبو داود (٢ / ٥٣٢ - ٥٣٣) وأصله في مسلم (٣ / ١٢٩٨) .
(٢) الفتاوى الكبرى ٤ / ٥٨٧.
(٣) تبصرة الحكام ٢ / ١٢١.