للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْوُضُوءُ بِخُرُوجِ الْقَيْحِ مِنَ الْبَدَنِ؛ لأَِنَّ النَّجَاسَةَ الَّتِي تَنْقُضُ الْوُضُوءَ عِنْدَهُمْ هِيَ مَا خَرَجَتْ مِنَ السَّبِيلَيْنِ فَقَطْ، فَلاَ يَنْتَقِضُ الْوُضُوءُ بِالنَّجَاسَةِ الْخَارِجَةِ مِنْ غَيْرِ السَّبِيلَيْنِ كَالْحِجَامَةِ وَالْقَيْحِ؛ لِمَا رُوِيَ: أَنَّ رَجُلَيْنِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَرَسَا الْمُسْلِمِينَ فِي غَزْوَةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ فَقَامَ أَحَدُهُمَا يُصَلِّي فَرَمَاهُ رَجُلٌ مِنَ الْكُفَّارِ بِسَهْمٍ فَنَزَعَهُ وَصَلَّى وَدَمُهُ يَجْرِي (١) . وَعَلِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهِ وَلَمْ يُنْكِرْهُ (٢) .

وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ خُرُوجَ الْقَيْحِ مِنَ الْبَدَنِ إِلَى مَوْضِعٍ يَلْحَقُهُ حُكْمُ التَّطْهِيرِ يَنْقُضُ الْوُضُوءَ، قَال السَّرَخْسِيُّ: لَوْ تَوَرَّمَ رَأْسُ الْجُرْحِ فَظَهَرَ بِهِ قَيْحٌ وَنَحْوُهُ لاَ يَنْقُضُ مَا لَمْ يَتَجَاوَزِ الْوَرَمَ؛ لأَِنَّهُ لاَ يَجِبُ غَسْل مَوْضِعِ الْوَرَمِ فَلَمْ يَتَجَاوَزْ إِلَى مَوْضِعٍ يَلْحَقُهُ حُكْمُ التَّطْهِيرِ؛ لأَِنَّ الدَّمَ إِذَا لَمْ يَسِل كَانَ فِي مَحَلِّهِ؛ لأَِنَّ الْبَدَنَ مَحَل الدَّمِ وَالرُّطُوبَاتِ إِلاَّ أَنَّهُ كَانَ مُسْتَتِرًا بِالْجِلْدَةِ وَانْشِقَاقُهَا يُوجِبُ زَوَال السُّتْرَةِ لاَ زَوَال الدَّمِ عَنْ مَحَلِّهِ وَلاَ حُكْمَ لِلنَّجِسِ مَا دَامَ فِي مَحَلِّهِ وَكَذَا هَاهُنَا، أَلاَ تَرَى أَنَّهُ تَجُوزُ الصَّلاَةُ مَعَ مَا


(١) حديث: " أن رجلين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم حرسا المسلمين في غزوة ذات الرقاع. . . ". أخرجه أبو داود (١ / ١٣٦) ، والحاكم (١ / ١٥٧) من حديث جابر بن عبد الله وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.
(٢) حاشية الدسوقي ١ / ١١٥، وشرح الزرقاني ١ / ٤٣، والإقناع شرح أبي شجاع ١ / ٥٤. ط. مصطفى الحلبي، والغاية القصوى ١ / ٢١٤. ط. دار الإصلاح، ومغني المحتاج ١ / ٣٢.