للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَصَرَّحَ الْمَالِكِيَّةُ بِأَنَّ الْعَدْل هُوَ مَنْ لَمْ يَفْعَل مَعْصِيَةً كَبِيرَةً بِلاَ تَوْبَةٍ مِنْهَا بِأَنْ لَمْ يَفْعَلْهَا أَصْلاً أَوْ تَابَ مِنْهَا، فَإِنْ فَعَلَهَا وَلَمْ يَتُبْ مِنْهَا فَلاَ تُقْبَل شَهَادَتُهُ، فَلاَ يُشْتَرَطُ فِي الْعَدْل عَدَمُ مُبَاشَرَةِ الْمَعْصِيَةِ مُطْلَقًا لِتَعَذُّرِهِ (١) .

وَفِيمَا يَلِي بَعْضُ التَّوْضِيحَاتِ:

أ - صَرَّحَ كُلٌّ مِنْ الْقَرَافِيِّ وَابْنِ الشَّاطِّ أَنَّ انْخِرَامَ الْعَدَالَةِ وَرَدَّ الشَّهَادَةِ بِارْتِكَابِ الْكَبَائِرِ لَيْسَ سَبَبُهُ الاِرْتِكَابَ نَفْسَهُ، بَل مَا يَلْزَمُ عَنْهُ، وَهُوَ أَنَّهُ يَدُل عَلَى الْجُرْأَةِ عَلَى مُخَالَفَةِ الْمُرْتَكِبِ لِلشَّارِعِ فِي أَوَامِرِهِ وَنَوَاهِيهِ، أَوْ كَمَا اخْتَارَ ابْنُ الشَّاطِّ (احْتِمَال الْجُرْأَةِ) فَمَنْ دَلَّتْ قَرَائِنُ حَالِهِ عَلَى الْجُرْأَةِ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ، كَمُرْتَكِبِ الْكَبِيرَةِ الْمَعْلُومِ مِنْ دَلاَئِل الشَّرْعِ أَنَّهَا كَبِيرَةٌ، أَوِ الْمُصِرِّ عَلَى الصَّغِيرَةِ إِصْرَارًا يُؤْذِنُ بِالْجُرْأَةِ، وَمَنِ احْتَمَل حَالُهُ أَنَّهُ فَعَل مَا فَعَل مِنْ ذَلِكَ جُرْأَةً أَوْ فَلْتَةً تُوُقِّفَ عَنْ قَبُول شَهَادَتِهِ، وَمَنْ دَلَّتْ دَلاَئِل حَالِهِ أَنَّهُ فَعَل مَا فَعَلَهُ مِنْ ذَلِكَ فَلْتَةً غَيْرَ مُتَّصِفٍ بِالْجُرْأَةِ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ، وَذَلِكَ؛ لأَِنَّ السَّبَبَ لِرَدِّ الشَّهَادَةِ لَيْسَ إِلاَّ التُّهْمَةَ بِالاِجْتِرَاءِ عَلَى الْكَذِبِ، كَالاِجْتِرَاءِ عَلَى ارْتِكَابِ مَا ارْتَكَبَهُ مِنَ الْمُخَالَفَةِ. فَإِذَا عَرِيَ عَنِ الاِتِّصَافِ بِالْجُرْأَةِ وَاحْتِمَال الاِتِّصَافِ بِهَا بِظَاهِرِ حَالِهِ


(١) جواهر الإكليل ٢ / ٢٣٣، وكفاية الطالب لأبي الحسن ٢ / ٣١٦.