للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ} .

كَمَا اسْتَدَلُّوا بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ، وَالْجُمُعَةُ إِلَى الْجُمُعَةِ، وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ، مُكَفِّرَاتٌ مَا بَيْنَهُنَّ إِذَا اجْتُنِبَتِ الْكَبَائِرُ (١) .

وَذَهَبَ الأُْصُولِيُّونَ - كَمَا قَال الْقُرْطُبِيُّ - إِلَى أَنَّهُ لاَ يَجِبُ عَلَى الْقَطْعِ تَكْفِيرُ الصَّغَائِرِ بِاجْتِنَابِ الْكَبَائِرِ، وَإِنَّمَا مَحْمَل ذَلِكَ عَلَى غَلَبَةِ الظَّنِّ وَقُوَّةِ الرَّجَاءِ، وَالْمَشِيئَةُ ثَابِتَةٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} ، قَالُوا وَلاَ ذَنْبَ عِنْدَنَا يُغْفَرُ وَاجِبًا بِاجْتِنَابِ ذَنْبٍ آخَرَ، وَدَل عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ قَطَعْنَا لِمُجْتَنِبِ الْكَبَائِرِ وَمُمْتَثِل الْفَرَائِضِ بِتَكْفِيرِ صَغَائِرِهِ قَطْعًا لَكَانَتْ لَهُ فِي حُكْمِ الْمُبَاحِ الَّذِي نَقْطَعُ بِأَنَّهُ لاَ تِبَاعَةَ عَلَيْهِ، وَذَلِكَ نَقْضٌ لِعُرَى الشَّرِيعَةِ، كَمَا اسْتَدَلُّوا بِحَدِيثِ: مَنِ اقْتَطَعَ حَقَّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بِيَمِينِهِ فَقَدْ أَوْجَبَ اللَّهُ لَهُ النَّارَ وَحَرَّمَ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ، فَقَال لَهُ رَجُلٌ: وَإِنْ كَانَ شَيْئًا يَسِيرًا يَا رَسُول اللَّهِ؟ قَال: وَإِنْ قَضِيبًا مِنْ أَرَاكٍ (٢) فَقَدْ جَاءَ الْوَعِيدُ الشَّدِيدُ عَلَى الْيَسِيرِ


(١) حديث أبي هريرة: " الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة. . . ". أخرجه مسلم (١ / ٢٠٩) .
(٢) حديث: " من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه. . . ". أخرجه مسلم (١ / ١٢٢) من حديث أبي أمامة.