للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الْعُجْبَ كَبِيرَةٌ (١) ، وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لاَ يَدْخُل الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَال ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ (٢) ، وَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {مِثْقَال ذَرَّةٍ} يَشْمَل الْقَلِيل وَالْكَثِيرَ مِنْهُ، فَلاَ يُرَخَّصُ بِالْكِبْرِ مَهْمَا كَانَ قَلِيلاً، قَال الشَّوْكَانِيُّ: وَالْحَدِيثُ يَدُل عَلَى أَنَّ الْكِبْرَ مَانِعٌ مِنْ دُخُول الْجَنَّةِ وَإِنْ بَلَغَ مِنَ الْقِلَّةِ إِلَى الْغَايَةِ (٣) .

وَإِذَا كَانَ الْكِبْرُ هُوَ الصِّفَةُ النَّفْسِيَّةُ، وَهِيَ قَصْدُ الاِسْتِعْلاَءِ عَلَى الْغَيْرِ فِي مَكْرُمَةٍ مِنَ الْمَكَارِمِ، فَإِنَّ هَذَا الْكِبْرَ - أَيْ: التَّكَبُّرَ - إِمَّا أَنْ يُحْتَاجَ إِلَيْهِ، أَوْ لاَ يُحْتَاجَ إِلَيْهِ.

فَإِنِ احْتِيجَ إِلَيْهِ كَانَ مَحْمُودًا، كَالتَّكَبُّرِ عَلَى الظَّلَمَةِ، وَعَلَى أَعْدَاءِ اللَّهِ مِنَ الْكُفَّارِ الْمُحَارِبِينَ، وَنَحْوِهِمْ، وَلِذَلِكَ جَازَ الاِخْتِيَال فِي الْحَرْبِ إِرْهَابًا لِلْعَدُوِّ (٤) .

وَإِنْ لَمْ يُحْتَجْ إِلَيْهِ، فَإِنَّهُ إِمَّا أَنْ تُرَافِقَهُ نِيَّةُ التَّكَبُّرِ، أَوْ لاَ تُرَافِقَهُ نِيَّةُ التَّكَبُّرِ، فَإِنْ رَافَقَتْهُ نِيَّةُ التَّكَبُّرِ فَهُوَ كَبِيرَةٌ مِنَ الْكَبَائِرِ.

وَإِنْ لَمْ تُرَافِقْهُ نِيَّةُ التَّكَبُّرِ، فَإِنَّ الْفِعْل إِمَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ شِعَارِ الْمُتَكَبِّرِينَ، أَوْ لاَ يَكُونَ


(١) الجامع لأحكام القرآن لمحمد بن أحمد الأنصاري القرطبي ١٢ / ٢٣٨ طبع. دار إحياء التراث العربي، بيروت.
(٢) حديث: " لا يدخل الجنة. . . ". أخرجه مسلم (١ / ٩٣) من حديث ابن مسعود.
(٣) نيل الأوطار لمحمد بن علي الشوكاني ٢ / ١٠٩ طبع. دار الجيل، بيروت.
(٤) الروض المربع بحاشية ابن القاسم العاصمي ١ / ٥١٥.