للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأَْمْوَال، وَقَال ابْنُ وَهْبٍ: أَخْبَرَنِي رِجَالٌ مِنْ أَهْل الْعِلْمِ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَمَكْحُولٍ وَغَيْرِ وَاحِدٍ مِنَ التَّابِعِينَ أَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا يَرَوْنَ بِبَيْعِ الْمَصَاحِفِ بَأْسًا، وَسُئِل عَبْدُ اللَّهِ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَمَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ عَنْ بَيْعِ الْمَصَاحِفِ وَالتِّجَارَةِ فِيهَا فَقَالاَ: لاَ نَرَى أَنْ يَجْعَلَهُ مُتَّجَرًا، وَلَكِنْ مَا عَمِلْتَ بِذَلِكَ فَلاَ بَأْسَ (١) . وَقَال أَبُو الْخَطَّابِ مِنَ الْحَنَابِلَةِ: يَجُوزُ بَيْعُ الْمَصَاحِفِ مَعَ الْكَرَاهَةِ.

وَقَال ابْنُ قُدَامَةَ: وَرَخَّصَ فِي بَيْعِ الْمَصَاحِفِ الْحَسَنُ وَالْحَكَمُ وَعِكْرِمَةُ؛ لأَِنَّ الْبَيْعَ يَقَعُ عَلَى الْجِلْدِ وَالْوَرَقِ، وَبَيْعُ ذَلِكَ مُبَاحٌ (٢) .

وَالْمَذْهَبُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ أَنَّهُ يَحْرُمُ بَيْعُ الْمُصْحَفِ وَلَوْ فِي دَيْنٍ، قَال أَحْمَدُ: لاَ نَعْلَمُ فِي بَيْعِ الْمُصْحَفِ رُخْصَةً؛ لأَِنَّ تَعْظِيمَهُ وَاجِبٌ، وَفِي بَيْعِهِ ابْتِذَالٌ لَهُ وَتَرْكٌ لِتَعْظِيمِهِ.

لَكِنَّ الْحَنَابِلَةَ أَجَازُوا شِرَاءَ الْمُصْحَفِ؛ لأَِنَّهُ اسْتِنْقَاذٌ لَهُ كَشِرَاءِ الأَْسِيرِ، كَمَا أَجَازُوا شِرَاءَ كُتُبِ الزَّنْدَقَةِ لإِِتْلاَفِهَا؛ لأَِنَّ فِي الْكُتُبِ مَالِيَّةَ الْوَرَقِ وَتَعُودُ وَرَقًا مُنْتَفَعًا بِهِ بِالْمُعَالَجَةِ (٣) .


(١) المهذب ١ / ٢٦٩، والمجموع ٩ / ٢٤٠ ط. المطيعي، والمدونة ٤ / ٤١٨، والفتاوى الهندية ٤ / ٣.
(٢) المغني ٤ / ٢٩١. وشرح منتهى الإرادات: ٢ / ١٤٣.
(٣) كشاف القناع ٣ / ١٥٥.