للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثُمَّ اخْتَلَفَ مَشَايِخُ الْحَنَفِيَّةِ فِي الْمُفَاضَلَةِ بَيْنَ التِّجَارَةِ وَالزِّرَاعَةِ: فَذَهَبَ الأَْكْثَرُونَ إِلَى أَنَّ الزِّرَاعَةَ أَفْضَل مِنَ التِّجَارَةِ لأَِنَّهَا أَعَمُّ نَفْعًا، فَبِعَمَل الزِّرَاعَةِ يَحْصُل مَا يُقِيمُ بِهِ الْمَرْءُ صُلْبَهُ، وَيَتَقَوَّى عَلَى الطَّاعَةِ، وَبِالتِّجَارَةِ لاَ يَحْصُل ذَلِكَ وَلَكِنْ يَنْمُو الْمَال، وَقَال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: خَيْرُ النَّاسِ أَنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ (١) ، وَالاِشْتِغَال بِمَا يَكُونُ نَفْعُهُ أَعَمُّ يَكُونُ أَفْضَل؛ وَلأَِنَّ الصَّدَقَةَ فِي الزِّرَاعَةِ أَظْهَرُ، فَلاَ بُدَّ أَنْ يَتَنَاوَل مِمَّا يَكْتَسِبُهُ الزُّرَّاعُ النَّاسُ وَالدَّوَابُّ وَالطُّيُورُ، وَكُل ذَلِكَ صَدَقَةٌ لَهُ (٢) ، قَال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَغْرِسُ غَرْسًا أَوْ يَزْرَعُ زَرْعًا فَيَأْكُل مِنْهُ طَيْرٌ أَوْ إِنْسَانٌ أَوْ بَهِيمَةٌ إِلاَّ كَانَ لَهُ بِهِ صَدَقَةٌ (٣) .

وَقَال بَعْضُهُمْ: التِّجَارَةُ أَفْضَل مِنَ الزِّرَاعَةِ (٤) .

وَتَأْتِي الصِّنَاعَةُ بَعْدَ الْجِهَادِ وَالزِّرَاعَةِ وَالتِّجَارَةِ (٥) .

وَقَال الْمَاوَرْدِيُّ: أُصُول الْمَكَاسِبِ: الزِّرَاعَةُ


(١) حديث: " خير الناس أنفعهم للناس " تقدم تخريجه ف٧.
(٢) الكسب ص ٦٤ - ٦٥، والمبسوط ٣٠ / ٢٥٩، والفتاوى الهندية ٥ / ٣٤٨.
(٣) حديث: " ما من مسلم يغرس غرسًا. . . " أخرجه البخاري (فتح الباري ٥ / ٣) ومسلم (٣ / ١١٨٩) من حديث أنس بن مالك.
(٤) الفتاوى الهندية ٥ / ٣٤٩، والمبسوط ٣٠ / ٢٥٩، والكسب ص ٦٤.
(٥) الاختيار ٤ / ١٧١، والفتاوى الهندية ٥ / ٣٤٩.