للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَال الْحَنَابِلَةُ: يَحْرُمُ عَلَى وَلِيِّ الْمَرْأَةِ تَزْوِيجُهَا بِغَيْرِ كُفْءٍ بِغَيْرِ رِضَاهَا لأَِنَّهُ إِضْرَارٌ بِهَا وَإِدْخَالٌ لِلْعَارِ عَلَيْهَا، وَيَفْسُقُ الْوَلِيُّ بِتَزْوِيجِهَا بِغَيْرِ كُفْءٍ دُونَ رِضَاهَا، وَذَلِكَ إِنْ تَعَمَّدَهُ (١) .

وَاخْتَلَفَ الرَّأْيُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ:

فَقَال خَلِيلٌ: لِلْمَرْأَةِ وَلِلْوَلِيِّ تَرْكُهَا. . أَيِ الْكَفَاءَةِ.

وَقَال الدَّرْدِيرُ: لَهُمَا مَعًا تَرْكُهَا وَتَزْوِيجُهَا مِنْ فَاسِقٍ سِكِّيرٍ يُؤْمَنُ عَلَيْهَا مِنْهُ، وَإِلاَّ رَدَّهُ الإِْمَامُ وَإِنْ رَضِيَتْ، لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى؛ حِفْظًا لِلنُّفُوسِ وَكَذَا تَزْوِيجُهَا مِنْ مَعِيبٍ، لَكِنَّ السَّلاَمَةَ مِنَ الْعُيُوبِ حَقٌّ لِلْمَرْأَةِ فَقَطْ، وَلَيْسَ لِلْوَلِيِّ فِيهِ كَلاَمٌ.

وَقَال الدُّسُوقِيُّ: حَاصِل مَا فِي الْمَسْأَلَةِ أَنَّ ظَاهِرَ مَا نَقَلَهُ الْحَطَّابُ وَغَيْرُهُ وَاسْتَظْهَرَهُ الشَّيْخُ ابْنُ رَحَّالٍ مَنْعُ تَزْوِيجِهَا مِنَ الْفَاسِقِ ابْتِدَاءً وَإِنْ كَانَ يُؤْمَنُ عَلَيْهَا مِنْهُ وَأَنَّهُ لَيْسَ لَهَا وَلاَ لِلْوَلِيِّ الرِّضَا بِهِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لأَِنَّ مُخَالَطَةَ الْفَاسِقِ مَمْنُوعَةٌ، وَهَجْرُهُ وَاجِبٌ شَرْعًا، فَكَيْفَ بِخُلْطَةِ النِّكَاحِ (٢) .

وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: يُكْرَهُ التَّزْوِيجُ مِنْ غَيْرِ كُفْءٍ عِنْدَ الرِّضَا إِلاَّ لِمَصْلَحَةٍ.

وَقَال الْعِزُّ بْنُ عَبْدِ السَّلاَمِ: يُكْرَهُ كَرَاهَةً شَدِيدَةً التَّزْوِيجُ مِنْ فَاسِقٍ إِلاَّ رِيبَةً تَنْشَأُ مِنْ


(١) كشاف القناع ٥ / ٦٨، ومطالب أولي النهى ٥ / ٨٤.
(٢) حاشية الدسوقي ٢ / ٢٤٩.