للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَإِنَّهَا لاَ تَبْرَأُ مِنْهُ إِلاَّ بِالأَْدَاءِ أَوِ الإِْبْرَاءِ، وَقَبُول الْكَفَالَةِ لِلتَّوْقِيتِ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ سُقُوطُ الدَّيْنِ عَنِ الْكَفِيل دُونَ أَدَاءٍ أَوْ إِبْرَاءٍ، وَتَطْبِيقًا عَلَى ذَلِكَ ذَهَبَ أَغْلَبُ الْحَنَفِيَّةِ إِلَى أَنَّ الْكَفِيل لَوْ قَال: كَفَلْتُ فُلاَنًا مِنْ هَذِهِ السَّاعَةِ إِلَى شَهْرٍ، تَنْتَهِي الْكَفَالَةُ بِمُضِيِّ الشَّهْرِ بِلاَ خِلاَفٍ، وَلَوْ قَال: كَفَلْتُ فُلاَنًا شَهْرًا أَوْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ. . . مِنَ الْمَشَايِخِ مَنْ قَال: إِنَّ الْكَفِيل فِي هَذِهِ الصُّورَةِ يُطَالَبُ فِي الْمُدَّةِ وَيَبْرَأُ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ. . . وَمِنْهُمْ مَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّهُ يَكُونُ كَفِيلاً أَبَدًا وَيَلْغُو التَّوْقِيتُ (١) .

وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى جَوَازِ تَوْقِيتِ الْكَفَالَةِ فِي إِحْدَى حَالَتَيْنِ: أَنْ يَكُونَ الْمَدِينُ مُوسِرًا وَلَوْ فِي أَوَّل الأَْجَل فَقَطْ، أَوْ أَنْ يَكُونَ مُعْسِرًا وَالْعَادَةُ أَنَّهُ لاَ يُوسِرُ فِي الأَْجَل الَّذِي ضَمِنَ الضَّامِنُ إِلَيْهِ، بَل بِمُضِيِّ ذَلِكَ الأَْجَل عَلَيْهِ وَهُوَ مُعْسِرٌ، فَإِنْ لَمْ يُعْسِرْ فِي جَمِيعِهِ، بَل أَيْسَرَ فِي أَثْنَائِهِ كَبَعْضِ أَصْحَابِ الْغَلاَّتِ وَالْوَظَائِفِ، كَأَنْ يَضْمَنَهُ إِلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَادَتُهُ الْيَسَارُ بَعْدَ شَهْرَيْنِ، فَلاَ يَصِحُّ؛ لأَِنَّ الزَّمَنَ الْمُتَأَخِّرَ عَنِ ابْتِدَاءِ يَسَارِهِ يُعَدُّ فِيهِ صَاحِبُ الْحَقِّ مُسَلِّفًا، لِقُدْرَةِ رَبِّ الْحَقِّ عَلَى أَخْذِهِ مِنْهُ عِنْدَ الْيَسَارِ، هَذَا قَوْل ابْنِ الْقَاسِمِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْيَسَارَ الْمُتَرَقَّبَ كَالْمُحَقَّقِ، وَأَجَازَهُ أَشْهَبُ لأَِنَّ


(١) الفتاوى الهندية ٣ / ٢٧٨، وابن عابدين ٥ / ٢٨٩.