للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِْيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} (١) .

وَوَرَدَ أَنَّ عَمَّارًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَخَذَهُ الْمُشْرِكُونَ فَلَمْ يَتْرُكُوهُ حَتَّى سَبَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَذَكَرَ آلِهَتَهُمْ بِخَيْرٍ، ثُمَّ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ فَقَال لَهُ النَّبِيُّ: إِنْ عَادُوا فَعُدْ (٢) قَال ابْنُ قُدَامَةَ: وَرُوِيَ أَنَّ الْكُفَّارَ كَانُوا يُعَذِّبُونَ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَمَا مِنْهُمْ أَحَدٌ إِلاَّ أَجَابَهُمْ إِلاَّ بَلاَلاً فَإِنَّهُ كَانَ يَقُول: أَحَدٌ أَحَدٌ (٣) ، وَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ اللَّهَ وَضَعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ (٤) ، وَلأَِنَّهُ قَوْلٌ أُكْرِهَ عَلَيْهِ بِغَيْرِ حَقٍّ فَلَمْ يَثْبُتْ حُكْمُهُ، كَمَا لَوْ أُكْرِهَ عَلَى الإِْقْرَارِ (٥) .

وَهَذَا أَصْلٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، إِلاَّ أَنَّ لِلْفُقَهَاءِ تَفْصِيلاَتٍ وَقُيُودًا تَخْتَلِفُ مِنْ مَذْهَبٍ إِلَى مَذْهَبٍ وَبَيَانُهَا كَمَا يَأْتِي:

ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ الإِْكْرَاهَ عَلَى الْكُفْرِ


(١) سورة النحل / ١٠٦.
(٢) حديث: " أن عمارًا أخذه المشركون. . . ". أخرجه الحاكم (٢ / ٣٥٧) وصححه ووافقه الذهبي.
(٣) حديث: " تعذيب بلال وقوله: أحد أحد. . . ". أخرجه البيهقي في السنن (٨ / ٢٠٩) .
(٤) حديث: " إن الله وضع عن أمتي الخطأ. . . ". أخرجه ابن ماجه (١ / ٦٥٩) ، والحاكم (٢ / ١٩٨) واللفظ لابن ماجه، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.
(٥) المغني ٨ / ١٤٥ - ١٤٦، والبدائع ٧ / ١٧٦ - ١٧٧، والدردير مع الدسوقي ٢ / ٣٦٩، والشبراملسي مع نهاية المحتاج ٧ / ٢٤٧، وأسنى المطالب ٤ / ٩.