للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لأَِنَّهَا آمَنَتْ بِكُتُبِ الأَْنْبِيَاءِ وَالرُّسُل فِي الْجُمْلَةِ (١) .

وَمَعَ الْحُكْمِ بِجَوَازِ نِكَاحِ الْكِتَابِيَّةِ، فَإِنَّهُ يُكْرَهُ الزَّوَاجُ مِنْهَا، لأَِنَّهُ لاَ يُؤْمَنُ أَنْ يَمِيل إِلَيْهَا فَتَفْتِنَهُ عَنِ الدِّينِ، أَوْ يَتَوَلَّى أَهْل دِينِهَا، فَإِنْ كَانَتْ حَرْبِيَّةً فَالْكَرَاهِيَةُ أَشَدُّ، لأَِنَّهُ لاَ تُؤْمَنُ الْفِتْنَةُ أَيْضًا، وَلأَِنَّهُ يُكْثِرُ سَوَادَ أَهْل الْحَرْبِ، وَلأَِنَّهُ لاَ يُؤْمَنُ أَنْ يُسْبَى وَلَدُهُ مِنْهَا فَيُسْتَرَقُّ.

وَقَدْ قَال عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لِلَّذِينَ تَزَوَّجُوا مِنْ نِسَاءِ أَهْل الْكِتَابِ: طَلِّقُوهُنَّ فَطَلَّقُوهُنَّ إِلاَّ حُذَيْفَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقَال لَهُ عُمَرُ: طَلِّقْهَا قَال: تَشْهَدُ أَنَّهَا حَرَامٌ؟ قَال: هِيَ خَمْرَةٌ (٢) طَلِّقْهَا، قَال: تَشْهَدُ أَنَّهَا حَرَامٌ؟ قَال: هِيَ خَمْرَةٌ، قَال: قَدْ عَلِمْتُ أَنَّهَا خَمْرَةٌ، وَلَكِنَّهَا لِي حَلاَلٌ، فَلَمَّا كَانَ بَعْدُ طَلَّقَهَا، فَقِيل لَهُ: أَلاَ طَلَّقْتَهَا حِينَ أَمَرَكَ عُمَرُ؟ قَال: كَرِهْتُ أَنْ يَرَى النَّاسُ أَنِّي رَكِبْتُ أَمْرًا لاَ يَنْبَغِي لِي (٣) .

وَقَدْ كَرِهَ ذَلِكَ أَيْضًا مَالِكٌ لأَِنَّهَا تَتَغَذَّى بِالْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ، وَتُغَذِّي وَلَدَهُ بِهِمَا، وَهُوَ يُقَبِّلُهَا وَيُضَاجِعُهَا وَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا مِنْ ذَلِكَ التَّغَذِّي، وَلَوْ تَضَرَّرَ بِرَائِحَتِهِ، وَلاَ مِنَ الذَّهَابِ لِلْكَنِيسَةِ، وَقَدْ تَمُوتُ وَهِيَ حَامِلٌ


(١) بدائع الصنائع ٢ / ٢٧٠.
(٢) وفي بعض النسخ " جمرة ".
(٣) المهذب ٢ / ٤٥، والمغني ٦ / ٥٩٠، والدسوقي ٢ / ٢٦٧.