للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَغَيْرِهِمَا مِنَ الصَّحَابَةِ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ، وَعَنِ الْقَاسِمِ وَعَطَاءٍ وَالشَّعْبِيِّ وَطَاوُسٍ وَالْحَسَنِ (١) . وَقَال الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: إِنَّهُ لاَ كَفَّارَةَ فِيهَا.

وَاخْتَلَفَ الْمَالِكِيَّةُ فِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ فِيهَا، فَقَال ابْنُ الْحَاجِبِ: وَلاَ كَفَّارَةَ فِي لَغْوِ الْيَمِينِ، وَهِيَ الْيَمِينُ عَلَى مَا يَعْتَقِدُهُ ثُمَّ تَبَيَّنَ خِلاَفُهُ، مَاضِيًا أَوْ مُسْتَقْبَلاً.

قَال فِي التَّوْضِيحِ: مِثَال الْمَاضِي: وَاللَّهِ مَا جَاءَ زَيْدٌ وَهُوَ يَعْتَقِدُ ذَلِكَ، وَمِثَال الْمُسْتَقْبَل: وَاللَّهِ مَا يَأْتِي غَدًا وَهُوَ يَعْتَقِدُهُ (٢) . وَقَال الدَّرْدِيرُ: اللَّغْوُ وَالْغَمُوسُ لاَ كَفَّارَةَ فِيهِمَا إِنْ تَعَلَّقَا بِمَاضٍ، وَفِيهِمَا الْكَفَّارَةُ إِنْ تَعَلَّقَا بِالْمُسْتَقْبَل (٣) .

وَاسْتَدَل الْقَائِلُونَ بِعَدَمِ الْكَفَّارَةِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ} (٤) . وَوَجْهُ الاِسْتِدْلاَل مِنَ الآْيَةِ: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَابَل يَمِينَ اللَّغْوِ بِالْيَمِينِ الْمَكْسُوبَةِ بِالْقَلْبِ، وَالْيَمِينُ الْمَكْسُوبَةُ هِيَ الْمَقْصُودَةُ، فَكَانَتِ الْيَمِينُ غَيْرُ الْمَقْصُودَةِ دَاخِلَةً فِي قِسْمِ اللَّغْوِ


(١) فتح الباري ١١ / ٥٥٦.
(٢) مواهب الجليل ٣ / ٢٦٦.
(٣) حاشية الدسوقي على الشرح الكبير ٢ / ١٢٩.
(٤) سورة البقرة / ٢٢٥.