للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَاسْتَدَل الْقَائِلُونَ بِأَنَّ الْكَفَّارَةَ تُجْزِئُ قَبْل الْحِنْثِ، بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ} (١) .

وَوَجْهُ الدَّلاَلَةِ مِنَ الآْيَةِ: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْجَبَ الْكَفَّارَةَ بِإِرَادَةِ الْحِنْثِ لأَِنَّ التَّقْدِيرَ: إِذَا حَلَفْتُمْ فَأَرَدْتُمُ الْحِنْثَ، كَمَا أَنَّ ظَاهِرَ الآْيَةِ يُفِيدُ أَنَّ الْكَفَّارَةَ وَجَبَتْ بِنَفْسِ الْيَمِينِ فَيَجُوزُ التَّكْفِيرُ قَبْل الْحِنْثِ، لِتَكُونَ الْكَفَّارَةُ مُحَلِّلَةً لِلْيَمِينِ (٢) .

كَمَا اسْتَدَلُّوا بِمَا وَرَدَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ إِذَا حَلَفْتَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَيْتَ غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا، فَكَفِّرْ عَنْ يَمِينِكَ وَائْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ، وَفِي رِوَايَةٍ: ثُمَّ ائْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ (٣) .

وَوَجْهُ الدَّلاَلَةِ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ: أَنَّهُ صَرِيحٌ فِي تَقْدِيمِ الْكَفَّارَةِ عَلَى الْحِنْثِ، حَيْثُ أَمَرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالتَّكْفِيرِ عَنِ الْيَمِينِ، ثُمَّ عَطَفَ الإِْتْيَانَ بِغَيْرِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ بِثُمَّ الَّتِي تُفِيدُ التَّرْتِيبَ وَالتَّرَاخِيَ، فَدَل هَذَا دَلاَلَةً وَاضِحَةً


(١) سورة المائدة / ٨٩.
(&# x٦٦٢ ;) فتح الباري ١١ / ٦١٧، ونيل الأوطار ١٠ / ١٧٠، والجامع لأحكام القرآن ٦ / ٢٧٥.
(٣) حديث: " يا عبد الرحمن إذا حلفت على يمين. . . ". أخرجه مسلم (٣ / ١٢٧٤) ، والرواية الأخرى لأبي داود (٣ / ٥٨٥) .