للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَدِ اسْتَدَل أَصْحَابُ الْقَوْل الأَْوَّل: بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْل أَنْ يَتَمَاسَّا} .

وَوَجْهُ الدَّلاَلَةِ مِنَ الآْيَةِ أَنَّهَا نَصٌّ فِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ عِنْدَ الْعَزْمِ عَلَى الْوَطْءِ، كَأَنَّهُ تَعَالَى قَال: إِذَا عَزَمْتَ عَلَى الْوَطْءِ فَكَفِّرْ قَبْلَهُ (١) ، كَمَا قَال سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاَةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} .

وَقَالُوا: إِنَّهُ قَصَدَ بِالظِّهَارِ تَحْرِيمَهَا، فَالْعَزْمُ. عَلَى وَطْئِهَا عَوْدٌ فِيمَا قَصَدَ.

وَإِنَّ الظِّهَارَ تَحْرِيمٌ، فَإِذَا أَرَادَ اسْتِبَاحَتَهَا فَقَدْ رَجَعَ فِي ذَلِكَ التَّحْرِيمِ، فَكَانَ عَائِدًا (٢) .

وَإِنَّ الْمَفْهُومَ مِنَ الظِّهَارِ هُوَ أَنَّ وُجُوبَ الْكَفَّارَةِ فِيهِ، إِنَّمَا يَكُونُ بِإِرَادَتِهِ الْعَوْدَةَ إِلَى مَا حَرَّمَ عَلَى نَفْسِهِ بِالظِّهَارِ، وَهُوَ الْوَطْءُ، وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، وَجَبَ أَنْ تَكُونَ الْعَوْدَةُ إِمَّا الْوَطْءُ نَفْسُهُ، أَوِ الْعَزْمُ عَلَيْهِ وَإِرَادَتُهُ (٣) .

وَاسْتَدَل أَصْحَابُ الْقَوْل الثَّانِي: بِأَنَّ الْعَوْدَ فِعْلٌ ضِدُّ قَوْلِهِ، وَمِنْهُ الْعَائِدُ فِي هِبَتِهِ هُوَ الرَّاجِعُ فِي الْمَوْهُوبِ، وَالْعَائِدُ فِي عِدَتِهِ:


(١) بدائع الصنائع ٣ / ٢٣٦.
(٢) المغني ٧ / ٣٥٣.
(٣) بداية المجتهد ٢ / ٩١.