للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يُرِيدُ الْعَوْدَ إِلَيْهِ، لَمْ يَحْرُمِ اقْتِنَاؤُهُ فِي مُدَّةِ تَرْكِهِ، لأَِنَّ ذَلِكَ لاَ يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ مِنْهُ، وَكَذَلِكَ صَاحِبُ الزَّرْعِ.

وَلَوْ هَلَكَتْ مَاشِيَتُهُ، فَأَرَادَ شِرَاءَ غَيْرِهَا فَلَهُ إِمْسَاكُ كَلْبِهَا لِيَنْتَفِعَ بِهِ فِي الَّتِي يَشْتَرِيهَا.

وَإِنِ اقْتَنَى كَلْبًا لِصَيْدِ مَنْ لاَ يَصِيدُ بِهِ، احْتَمَل الْجَوَازَ، لأَِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَثْنَى كَلْبَ الصَّيْدِ مُطْلَقًا، وَاحْتَمَل الْمَنْعَ، لأَِنَّهُ اقْتَنَاهُ لِغَيْرِ حَاجَةٍ، أَشْبَهَ غَيْرَهُ مِنَ الْكِلاَبِ.

وَقَال الرَّحِيبَانِيُّ: يَحْرُمُ اقْتِنَاؤُهُ لأَِمْرِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بِقَتْلِهِ، وَإِذَا لَمْ يَجُزِ اقْتِنَاؤُهُ لَمْ يَجُزْ تَعْلِيمُهُ، لأَِنَّ التَّعْلِيمَ إِنَّمَا يَجُوزُ مَعَ جَوَازِ الإِْمْسَاكِ، فَيَكُونُ التَّعْلِيمُ حَرَامًا، وَالْحِل لاَ يُسْتَفَادُ مِنَ الْمُحَرَّمِ، " وَلأَِنَّهُ عُلِّل بِكَوْنِهِ شَيْطَانًا، وَمَا قَتَلَهُ الشَّيْطَانُ لاَ يُبَاحُ أَكْلُهُ كَالْمُنْخَنِقَةِ (١) .

وَتَجُوزُ تَرْبِيَةُ الْجِرْوِ الصَّغِيرِ لأَِحَدِ الأُْمُورِ الثَّلاَثَةِ - فِي أَقْوَى الْوَجْهَيْنِ - عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، لأَِنَّهُ قَصَدَهُ لِذَلِكَ، فَيَأْخُذُ حُكْمَهُ، كَمَا يَجُوزُ بَيْعُ الْجَحْشِ الصَّغِيرِ الَّذِي لاَ نَفْعَ فِيهِ فِي الْحَال لِمَآلِهِ إِلَى الاِنْتِفَاعِ، وَلأَِنَّهُ لَوْ لَمْ يَتَّخِذِ الصَّغِيرَ مَا أَمْكَنَ جَعْل الْكَلْبِ كَذَلِكَ، إِذْ لاَ يَصِيرُ مُعَلَّمًا إِلاَّ بِالتَّعْلِيمِ، وَلاَ يُمْكِنُ تَعْلِيمُهُ إِلاَّ بِتَرْبِيَتِهِ وَاقْتِنَائِهِ مُدَّةً يُعَلِّمُهُ فِيهَا (٢) .


(١) مطالب أولي النهى ٦ / ٣٤٨ - ٣٤٩.
(٢) المغني مع الشرح الكبير ٤ / ١٤.