للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يُجْزِئْهُ، وَلأَِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ غُرْفَةً مِنْ مَاءٍ فَغَسَل بِهَا وَجْهَهُ (١) قَالُوا: وَالْغُرْفَةُ لاَ تَكْفِي لِغَسْل الْوَجْهِ وَظَاهِرِ اللِّحْيَةِ الْكَثِيفَةِ وَبَاطِنِهَا، وَفِي هَذِهِ الْحَال يَنْتَقِل حُكْمُ مَا تَحْتَ اللِّحْيَةِ إِلَيْهَا عِنْدَ الْجُمْهُورِ، فَيَجِبُ غَسْل ظَاهِرِ مَا فِي حَدِّ الْوَجْهِ مِنْهَا.

وَلاَ يُسَنُّ غَسْل بَاطِنِ اللِّحْيَةِ الْكَثِيفَةِ عَلَى مَا صَرَّحَ بِهِ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ لِمَا فِيهِ مِنَ الْعُسْرِ، عَلَى مَا قَال ابْنُ قُدَامَةَ مِنَ الْحَنَابِلَةِ، وَرَجَّحَ صَاحِبُ الإِْنْصَافِ مِنَ الْحَنَابِلَةِ أَنَّ غَسْل بَاطِنِهَا مَكْرُوهٌ وَتَبِعَهُ صَاحِبُ الإِْقْنَاعِ.

وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَرِوَايَةٍ عَنْ أَحْمَدَ: لاَ يَغْسِل اللِّحْيَةَ الْكَثِيفَةَ فِي الْوُضُوءِ وَلاَ يَغْسِل مَا تَحْتَهَا أَيْضًا، لأَِنَّ اللَّهَ تَعَالَى إِنَّمَا أَمَرَ بِغَسْل الْوَجْهِ، وَالْوَجْهُ اسْمٌ لِلْبَشَرَةِ الَّتِي تَحْصُل بِهَا الْمُوَاجَهَةُ، وَالشَّعْرُ لَيْسَ بِبَشَرَةٍ، وَمَا تَحْتَهُ مِنَ الْبَشَرَةِ لاَ تَحْصُل بِهِ الْمُوَاجَهَةُ.

وَقَدْ نَقَل ابْنُ عَابِدِينَ أَنَّ الرِّوَايَةَ الأُْولَى هِيَ الْمَذْهَبُ الصَّحِيحُ الْمُفْتَى بِهِ، وَمَا عَدَاهَا مَرْجُوعٌ عَنْهُ، كَمَا أَنَّ ابْنَ قُدَامَةَ ضَعَّفَ رِوَايَةَ عَدَمِ الْغَسْل عَنْ أَحْمَدَ وَأَوَّلَهَا. وَنَقَل ابْنُ قُدَامَةَ عَنْ عَطَاءٍ وَأَبِي ثَوْرٍ أَنَّهُ يَجِبُ غَسْل الْبَشَرَةِ وَبَاطِنِ اللِّحْيَةِ الْكَثِيفَةِ


(١) حديث: " أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ غرفة من ماء فغسل بها وجهه ". أخرجه البخاري (فتح الباري ١ / ٣٠٣) من حديث عبد الله بن زيد.