للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَلاَ ذَهَابُ مَنْفَعَةٍ بَل فِيهَا التَّعْزِيرُ لأَِنَّ الْمُمَاثَلَةَ فِيهَا غَيْرُ مُمْكِنَةٍ (١) .

وَذَهَبَ ابْنُ قَيِّمِ الْجَوْزِيَّةِ إِلَى وُجُوبِ الْقِصَاصِ فِي اللَّطْمَةِ وَقَال: هُوَ مَنْصُوصُ أَحْمَدَ وَمَنْ خَالَفَهُ فِي ذَلِكَ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَدْ خَرَجَ عَنْ نَصِّ مَذْهَبِهِ وَأُصُولِهِ كَمَا خَرَجَ عَنْ مَحْضِ الْقِيَاسِ وَالْمِيزَانِ.

وَاسْتَدَل بِقَوْل اللَّهِ تَعَالَى: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} (٢) ، وقَوْله تَعَالَى: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْل مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} (٣) ، وَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَل: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْل مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ} (٤) فَأَمَرَ بِالْمُمَاثَلَةِ فِي الْعُقُوبَةِ وَالْقِصَاصِ فَيَجِبُ اعْتِبَارُهَا بِحَسَبِ الإِْمْكَانِ، وَالأَْمْثَل هُوَ الْمَأْمُورُ بِهِ، فَهَذَا الْمَضْرُوبُ قَدِ اعْتُدِيَ عَلَيْهِ فَالْوَاجِبُ أَنْ يُفْعَل بِالْمُعْتَدِي كَمَا فُعِل بِهِ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ كَانَ الْوَاجِبُ مَا هُوَ الأَْقْرَبُ وَالأَْمْثَل، وَسَقَطَ مَا عَجَزَ عَنْهُ الْعَبْدُ مِنَ الْمُسَاوَاةِ مِنْ كُل وَجْهٍ، وَلاَ رَيْبَ أَنَّ لَطْمَةً بِلَطْمَةٍ وَضَرْبَةً بِضَرْبَةٍ فِي مَحَلِّهِمَا بِالآْلَةِ الَّتِي لَطَمَهُ بِهَا أَوْ بِمِثْلِهَا أَقْرَبُ إِلَى الْمُمَاثَلَةِ


(١) الشرح الصغير ٤ / ٣٥٣، وشرح الزرقاني ٨ / ١٥، وكشاف القناع ٥ / ٥٤٨، ٦ / ١٢١، ومعين الحكام فيما يتردد بين الخصمين من أحكام ص٢٢١، والفتاوى الهندية ٦ / ٩، وأسنى المطالب ٤ / ٦٨.
(٢) سورة الشورى / ٤٠.
(٣) سورة البقرة / ١٩٤.
(٤) سورة النحل / ١٣٦.