للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَلَهُ بَعْدَمَا كَذَّبَ نَفْسَهُ أَنْ يَنْكِحَهَا: حُدَّ أَوْ لاَ (١) .

وَقَال أَبُو يُوسُفَ: إِذَا افْتَرَقَ الْمُتَلاَعِنَانِ فَلاَ يَجْتَمِعَانِ أَبَدًا، فَيَثْبُتُ بَيْنَهُمَا حُرْمَةٌ مُؤَبَّدَةٌ كَحُرْمَةِ الرَّضَاعِ (٢) .

وَيَرَى الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ أَنَّهُ بِتَمَامِ لِعَانِ الزَّوْجَيْنِ تَتَأَبَّدُ الْحُرْمَةُ بَيْنَهُمَا (٣) ، لِقَوْل عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: " الْمُتَلاَعِنَانِ إِذَا تَلاَعَنَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَلاَ يَجْتَمِعَانِ أَبَدًا " (٤) .

وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ إِذَا لاَعَنَ الزَّوْجُ لِدَرْءِ حَدِّ قَذْفِ الزَّوْجَةِ بِالزِّنَا عَنْهُ ثَبَتَتِ الْحُرْمَةُ الْمُؤَبَّدَةُ بَيْنَهُمَا بِنَاءً عَلَى هَذَا اللِّعَانِ، فَإِنْ لاَعَنَ لِنَفْيِ النَّسَبِ وَحْدَهُ لَمْ يَنْقَطِعْ بِهِ نِكَاحٌ وَلَمْ تَسْقُطْ بِهِ عُقُوبَةٌ بِأَنْ كَانَ أَبَانَهَا أَوْ عَفَتْ عَنِ الْعُقُوبَةِ أَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِزِنَاهَا.

وَقَالُوا: وَالْحُرْمَةُ الْمُؤَبَّدَةُ بَيْنَهُمَا بِنَاءً عَلَى لِعَانِ الزَّوْجِ لِدَرْءِ حَدِّ قَذْفِهِ زَوْجَتَهُ تَقْتَضِي أَنَّهُ لاَ يَحِل لَهُ نِكَاحُهَا بَعْدَ اللِّعَانِ، وَلاَ وَطْؤُهَا بِمِلْكِ الْيَمِينِ لَوْ كَانَتْ أَمَةً وَاشْتَرَاهَا، لِمَا وَرَدَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا ثُمَّ قَال: لاَ سَبِيل لَكَ عَلَيْهَا (٥) وَلِقَوْلِهِ: الْمُتَلاَعِنَانِ إِذَا تَفَرَّقَا لاَ


(١) الفتاوى الهندية ١ / ٥١٥، والدر المختار ٢ / ٥٨٥ و٥٩٠.
(٢) فتح القدير ٣ / ٢٥٦.
(٣) حاشية الدسوقي ٢ / ٤٦٧، وشرح منتهى الإرادات ٣ / ٢١٠.
(٤) أثر عمر: المتلاعنان إذا تلاعنا. . . ". أخرجه البيهقي في سننه (٧ / ٤١٠) .
(٥) حديث: أنه صلى الله عليه وسلم " فرق بينهما. . . ". أخرجه البخاري (الفتح ٩ / ٤٥٧) ومسلم (٣ / ١١٣٢) من حديث ابن عمر.