للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الإِْنْفَاقَ مِنْ غَلَّتِهِ أَوْ مِنْ غَيْرِهَا عُمِل بِهِ رُجُوعًا إِلَى شَرْطِهِ، وَإِنْ لَمْ يَشْرِطِ الْوَاقِفُ شَيْئًا كَانَ الإِْنْفَاقُ عَلَيْهِ مِنْ غَلَّتِهِ؛ لأَِنَّ الْوَقْفَ يَقْتَضِي تَحْبِيسَ الأَْصْل وَتَسْبِيل مَنْفَعَتِهِ، وَلاَ يَحْصُل ذَلِكَ إِلاَّ بِالإِْنْفَاقِ عَلَيْهِ، فَكَانَ ذَلِكَ مِنْ ضَرُورَاتِهِ (١) .

فَإِنْ تَعَطَّلَتْ مَنَافِعُهُ، فَقَدْ قَال الشَّافِعِيَّةُ: تَكُونُ النَّفَقَةُ وَمُؤَنُ التَّجْهِيزِ - لاَ الْعِمَارَةِ - مِنْ بَيْتِ الْمَال، كَمَنْ أَعْتَقَ مَنْ لاَ كَسْبَ لَهُ، أَمَّا الْعِمَارَةُ فَلاَ تَجِبُ عَلَى أَحَدٍ حِينَئِذٍ كَالْمِلْكِ الْمُطْلَقِ، بِخِلاَفِ الْحَيَوَانِ لِصِيَانَةِ رُوحِهِ وَحُرْمَتِهِ.

قَالُوا: وَظَاهِرٌ أَنَّ مِثْل الْعِمَارَةِ أُجْرَةُ الأَْرْضِ الَّتِي بِهَا بِنَاءٌ أَوْ غِرَاسٌ مَوْقُوفٌ وَلَمْ تَفِ مَنَافِعُهُ بِالأُْجْرَةِ (٢) .

وَقَال الْحَنَابِلَةُ: إِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَوْقُوفِ غَلَّةٌ فَنَفَقَتُهُ عَلَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ الْمُعَيَّنِ، فَإِنْ عَدِمَ الْغَلَّةَ لِكَوْنِهِ لَيْسَ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يُؤَجَّرَ كَالْعَبْدِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ لِيَخْدُمَهُ وَالْفَرَسِ يَغْزُو عَلَيْهِ أَوْ جَرَّ بِنَفَقَتِهِ دَفْعًا لِلضَّرُورَةِ، وَإِنْ كَانَ الْوَقْفُ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ كَالْمَسَاكِينِ فَنَفَقَتُهُ فِي


(١) أسنى المطالب ٢ / ٤٧٣، وحاشية الشبراملسي بهامش نهاية المحتاج ٥ / ٣٩٧، وكشاف القناع ٤ / ٢٦٥، والمغني ٥ / ٦٤٨.
(٢) أسنى المطالب ٢ / ٤٧٣، وحاشية الشبراملسي بهامش نهاية المحتاج ٥ / ٣٩٧.