للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثُمَّ وَقَعَ فِيهِ كَسَائِرِ الْحَيَوَانَاتِ الدَّمَوِيَّةِ؛ لأَِنَّ الدَّمَ السَّائِل نَجِسٌ فَيُنَجِّسُ مَا يُجَاوِرُهُ، وَإِنْ كَانَ مَائِيًّا كَالضُّفْدُعِ الْمَائِيِّ وَالسَّرَطَانِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَإِنْ مَاتَ فِي الْمَاءِ لاَ يُنَجِّسُهُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَإِنْ مَاتَ فِي غَيْرِ الْمَاءِ فَإِنْ قِيل: إِنَّ الْعِلَّةَ أَنَّ هَذَا مِمَّا يَعِيشُ فِي الْمَاءِ فَلاَ يُمْكِنُ صِيَانَةُ الْمِيَاهِ عَنْ مَوْتِ هَذِهِ الْحَيَوَانَاتِ يُوجِبُ التَّنْجِيسَ لأَِنَّهُ يُمْكِنُ صِيَانَةُ سَائِرِ الْمَائِعَاتِ عَنْ مَوْتِهَا فِيهَا، وَإِنْ قِيل: إِنَّ الْعِلَّةَ أَنَّهَا إِذَا كَانَتْ تَعِيشُ فِي الْمَاءِ لاَ يَكُونُ لَهَا دَمٌ إِذِ الدَّمَوِيُّ لاَ يَعِيشُ فِي الْمَاءِ فَلاَ يُوجِبُ التَّنْجِيسَ لاِنْعِدَامِ الدَّمِ الْمَسْفُوحِ (١) .

وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ عَنْ أَحْمَدَ: أَنَّ الْمَائِعَاتِ لاَ يَتَنَجَّسُ مِنْهَا مَا بَلَغَ الْقُلَّتَيْنِ إِلاَّ إِذَا تَغَيَّرَ.

قَال حَرْبٌ: سَأَلْتُ أَحْمَدَ قُلْتُ: كَلْبٌ وَلَغَ فِي سَمْنٍ أَوْ زَيْتٍ؟ قَال: إِذَا كَانَ فِي آنِيَةٍ كَبِيرَةٍ مِثْل جُبٍّ أَوْ نَحْوِهِ رَجَوْتُ أَنْ لاَ يَكُونَ بِهِ بَأْسٌ وَيُؤْكَل؛ لأَِنَّهُ كَثِيرٌ فَلَمْ يَنْجُسْ بِالنَّجَاسَةِ مِنْ غَيْرِ تَغَيُّرٍ كَالْمَاءِ، وَإِنْ كَانَ فِي آنِيَّةٍ صَغِيرَةٍ فَلاَ يُعْجِبُنِي ذَلِكَ.

وَهُنَاكَ رَأْيٌ آخَرُ لِلْحَنَابِلَةِ وَهُوَ: مَا أَصْلُهُ الْمَاءُ - مِنَ الْمَائِعَاتِ - كَالْخَل التَّمْرِيِّ يَدْفَعُ النَّجَاسَةَ لأَِنَّ الْغَالِبَ فِيهِ الْمَاءُ، وَمَا لاَ يَكُونُ


(١) البدائع ١ / ٧٩ وما بعدها، حاشية ابن عابدين ١ / ١٢٣ - ١٢٤ وما بعدها، والمغني ١ / ٣٨.