للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَقَال الْمَالِكِيَّةُ: إِنَّ الْمُبَارَزَةَ تَجُوزُ، وَشَرَطَ بَعْضُهُمْ إِذْنَ الإِْمَامِ الْعَدْل، وَلَمْ يَشْتَرِطْهُ غَيْرُهُمْ، وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ: إِنْ دَعَا الْعَدُوُّ لِلْمُبَارَزَةِ فَأَكْرَهُ أَنْ يُبَارِزَهُ أَحَدٌ إِلاَّ بِإِذْنِ الإِْمَامِ الْعَدْل وَاجْتِهَادِهِ، وَقَال ابْنُ وَهْبٍ: لاَ يَجُوزُ أَنْ يُبَارِزَ إِلاَّ بِإِذْنِ الإِْمَامِ إِنْ كَانَ عَدْلاً، وَقَال ابْنُ رُشْدٍ: إِنَّ الإِْمَامَ إِذَا كَانَ غَيْرَ عَدْلٍ لَمْ يَلْزَمِ اسْتِئْذَانُهُ فِي مُبَارَزَةٍ وَلاَ قِتَالٍ إِذْ قَدْ يَنْهَاهُ عَنْ غُرَّةٍ قَدْ تَبَيَّنَتْ لَهُ فَيَلْزَمُ طَاعَتُهُ، فَإِنَّمَا يَفْتَرِقُ الْعَدْل مِنْ غَيْرِ الْعَدْل فِي الاِسْتِئْذَانِ لاَ فِي طَاعَتِهِ إِذَا أَمَرَ بِشَيْءٍ أَوْ نَهَى عَنْهُ؛ لأَِنَّ الطَّاعَةَ لِلإِْمَامِ مِنْ فَرَائِضِ الْغَزْوِ، فَوَاجِبٌ عَلَى الرَّجُل طَاعَةُ الإِْمَامِ فِيمَا أَحَبَّ أَوْ كَرِهَ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ عَدْلٍ، مَا لَمْ يَأْمُرْهُ بِمَعْصِيَةٍ (١) .

وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّ إِذْنَ الإِْمَامِ أَوْ أَمِيرِ الْجَيْشِ فِي الْمُبَارَزَةِ شَرْطٌ فِي اسْتِحْبَابِهَا؛ لأَِنَّ لِلإِْمَامِ أَوْ أَمِيرِ الْجَيْشِ نَظَرًا فِي تَعْيِينِ الأَْبْطَال، وَالاِسْتِحْبَابُ حِينَئِذٍ إِنْ كَانَ الْكَافِرُ قَدْ طَلَبَ الْمُبَارَزَةَ؛ لِمَا فِي تَرْكِهَا مِنَ الضَّعْفِ لِلْمُسْلِمَيْنِ وَالتَّقْوِيَةِ لِلْكَافِرَيْنِ، فَإِنْ لَمْ يَطْلُبِ الْكُفَّارُ الْمُبَارَزَةَ كَانَ إِذْنُ الإِْمَامِ أَوْ أَمِيرِ الْجَيْشِ شَرْطًا فِي إِبَاحَتِهَا، فَإِنْ لَمْ يُؤْذَنْ مِنْ أَيِّهِمَا فِي الْمُبَارَزَةِ جَازَتْ مَعَ الْكَرَاهَةِ (٢) .


(١) جواهر الإكليل ١ / ٢٥٧، والتاج والإكليل بهامش مواهب الجليل ٣ / ٣٥٩.
(٢) مغني المحتاج ٤ / ٢٢٦، وشرح المحلي للمنهاج ٤ / ٢٢٠.