للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كَانَ بِأَحَدِهِمَا أَثَرٌ فَقَدْ ذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّهُ يَبْدَأُ بِسَمَاعِ دَعْوَى مَنْ بِهِ الأَْثَرُ وَلاَ يُرَاعَى السَّبْقُ، وَالَّذِي عَلَيْهِ أَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ أَنَّهُ يَسْمَعُ قَوْل أَسْبَقِهِمَا بِالدَّعْوَى، وَيَكُونُ الْمُبْتَدِئُ بِالْمُوَاثَبَةِ أَعْظَمَهُمَا جُرْمًا وَأَغْلَظَهُمَا تَأْدِيبًا، وَيَجُوزُ أَنْ يُخَالِفَ بَيْنَهُمَا فِي التَّأْدِيبِ مِنْ وَجْهَيْنِ:

أَحَدِهِمَا:

بِحِسَابِ اخْتِلاَفِهِمَا فِي الاِقْتِرَافِ وَالتَّعَدِّي،

وَالثَّانِي:

بِحَسَبِ اخْتِلاَفِهِمَا فِي الْهَيْبَةِ وَالتَّصَاوُنِ. وَإِذَا رَأَى مِنَ الصَّلاَحِ فِي رَدْعِ السَّفِلَةِ أَنْ يُشَهِّرَهُمْ، وَيُنَادَى عَلَيْهِمْ بِجَرَائِمِهِمْ، سَاغَ لَهُ ذَلِكَ. فَهَذِهِ أَوْجُهٌ يَقَعُ بِهَا الْفَرْقُ فِي الْجَرَائِمِ بَيْنَ نَظَرِ الأُْمَرَاءِ وَالْقُضَاةِ فِي حَال الاِسْتِبْرَاءِ وَقَبْل ثُبُوتِ الْحَدِّ لاِخْتِصَاصِ الأَْمِيرِ بِالسِّيَاسَةِ وَاخْتِصَاصِ الْقُضَاةِ بِالأَْحْكَامِ (١) .

٥ - وَقَال ابْنُ الْقَيِّمِ: دَعَاوَى التُّهَمِ وَهِيَ دَعْوَى الْجِنَايَةِ وَالأَْفْعَال الْمُحَرَّمَةِ كَدَعْوَى الْقَتْل وَقَطْعِ الطَّرِيقِ وَالسَّرِقَةِ وَالْقَذْفِ وَالْعُدْوَانِ يَنْقَسِمُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِيهَا إِلَى ثَلاَثَةِ أَقْسَامٍ:

فَإِنَّ الْمُتَّهَمَ إِمَّا أَنْ يَكُونَ بَرِيئًا لَيْسَ مِنْ أَهْل تِلْكَ التُّهْمَةِ، أَوْ فَاجِرًا مِنْ أَهْلِهَا، أَوْ مَجْهُول الْحَال لاَ يَعْرِفُ الْوَالِي وَالْحَاكِمُ حَالَهُ.

فَإِنْ كَانَ بَرِيئًا لَمْ تَجُزْ عُقُوبَتُهُ اتِّفَاقًا.


(١) الأحكام السلطانية للماوردي ص٢١٩ - ٢٢١ ولأبي يعلى ص٢٦٠.