للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَال الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: إِنَّهُ لاَ يَجُوزُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا حَتَّى يَسْتَبْرِئَهَا مِنْ مَائِهِ الْفَاسِدِ، حِفَاظًا عَلَى حُرْمَةِ النِّكَاحِ مِنِ اخْتِلاَطِ الْمَاءِ الْحَلاَل بِالْحَرَامِ.

وَإِنْ كَانَ الْعَاقِدُ عَلَيْهَا غَيْرَ الزَّانِي، وَكَانَتْ غَيْرَ حَامِلٍ، جَازَ الْعَقْدُ عَلَيْهَا وَالدُّخُول بِهَا فِي الْحَال عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَالشَّافِعِيَّةِ.

وَيَرَى مُحَمَّدٌ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ يَصِحُّ الْعَقْدُ عَلَى الْمَزْنِيِّ بِهَا، وَيُكْرَهُ الدُّخُول بِهَا حَتَّى يَسْتَبْرِئَهَا بِحَيْضَةٍ؛ لاِحْتِمَال أَنْ تَكُونَ قَدْ حَمَلَتْ مِنَ الزَّانِي (١) .

وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ إِلَى أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ عَقْدُ الزَّوَاجِ عَلَيْهَا إِلاَّ بَعْدَ أَنْ تَعْتَدَّ؛ لأَِنَّ الْعِدَّةَ لِمَعْرِفَةِ بَرَاءَةِ الرَّحِمِ، وَلأَِنَّهَا قَبْل الْعِدَّةِ يُحْتَمَل أَنْ تَكُونَ حَامِلاً فَيَكُونَ نِكَاحُهَا بَاطِلاً، كَالْمَوْطُوءَةِ بِشُبْهَةٍ.

وَإِنْ كَانَتْ حَامِلاً صَحَّ الْعَقْدُ، وَحَرُمَ عَلَيْهِ قُرْبَانُهَا حَتَّى تَضَعَ حَمْلَهَا، وَهَذَا رَأْيُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآْخِرِ فَلاَ يَسْقِي مَاءَهُ وَلَدَ غَيْرِهِ (٢) .


(١) حاشية ابن عابدين ٢ / ٢٩١، ٢٩٢، ومغني المحتاج ٣ / ٣٨٨، والمهذب ٢ / ١٤٦، والجامع لأحكام القرآن للقرطبي ١٢ / ١٦٩، ١٧٠.
(٢) حديث: " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر. . ". أخرجه الترمذي (٣ / ٤٢٨) من حديث رويفع بن ثابت وقال: حديث حسن.