للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حَقٍّ أَوْ دَفْعِ بَاطِلٍ فَهِيَ وَاجِبَةٌ أَوْ مُسْتَحَبَّةٌ وَإِنْ تَوَصَّل بِهَا بِطَرِيقٍ مُبَاحٍ إِلَى سَلاَمَةٍ مِنْ وُقُوعٍ فِي مَكْرُوهٍ فَهِيَ مُسْتَحَبَّةٌ أَوْ مُبَاحَةٌ أَوْ إِلَى تَرْكِ مَنْدُوبٍ فَهِيَ مَكْرُوهَةٌ وَنَقَل ابْنُ حَجَرٍ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ نَصَّ عَلَى كَرَاهَةِ تَعَاطِي الْحِيَل فِي تَفْوِيتِ الْحُقُوقِ فَقَال بَعْضُ أَصْحَابِهِ هِيَ كَرَاهَةُ تَنْزِيهٍ وَقَال كَثِيرٌ مِنْ مُحَقِّقِيهِمْ كَالْغَزَالِيِّ: هِيَ كَرَاهَةُ تَحْرِيمٍ وَيَأْثَمُ بِقَصْدِهِ وَيَدُل عَلَيْهِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَإِنَّمَا لِكُل امْرِئٍ مَا نَوَى (١) فَمَنْ نَوَى بِعَقْدِ الْبَيْعِ الرِّبَا وَقَعَ فِي الرِّبَا وَلاَ يُخَلِّصُهُ مِنَ الإِْثْمِ صُورَةُ الْبَيْعِ وَمَنْ نَوَى بِعَقْدِ النِّكَاحِ التَّحْلِيل كَانَ مُحَلِّلاً وَدَخَل فِي الْوَعِيدِ عَلَى ذَلِكَ بِاللَّعْنِ، وَلاَ يُخَلِّصُهُ مِنْ ذَلِكَ صُورَةُ النِّكَاحِ وَكُل شَيْءٍ قُصِدَ بِهِ تَحْرِيمُ مَا أَحَل اللَّهُ أَوْ تَحْلِيل مَا حَرَّمَ اللَّهُ كَانَ إِثْمًا وَلاَ فَرْقَ فِي حُصُول الإِْثْمِ فِي التَّحْلِيل عَلَى الْفِعْل الْمُحَرَّمِ بَيْنَ الْفِعْل الْمَوْضُوعِ لَهُ، وَالْفِعْل الْمَوْضُوعِ لِغَيْرِهِ إِذَا جُعِل ذَرِيعَةً لَهُ (٢) .

وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ: قَال ابْنُ الْقَيِّمِ: تَجْوِيزُ الْحِيَل يُنَاقِضُ سَدَّ الذَّرَائِعِ مُنَاقَضَةً ظَاهِرَةً فَإِنَّ الشَّارِعَ يَسُدُّ الطَّرِيقَ إِلَى الْمُفَاسَدِ بِكُل مُمْكِنٍ


(١) حديث: " وإنما لكل امرئ ما نوى ". أخرجه البخاري (فتح الباري ١ / ٩) ومسلم (٣ / ١٥١٥) من حديث عمر بن الخطاب، واللفظ للبخاري.
(٢) فتح الباري ١٢ / ٣٢٦، ٣٢٨.