للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَيَقُول: قَامَ عَلَيَّ بِكَذَا، وَلاَ يَقُول اشْتَرَيْتُهُ بِكَذَا، كَيْلاَ يَكُونَ كَاذِبًا. وَأَمَّا أُجْرَةُ الرَّاعِي وَالطَّبِيبِ وَالْحَجَّامِ وَالْخَتَّانِ وَالْبَيْطَارِ وَفِدَاءِ الْجِنَايَةِ وَمَا أَنْفَقَ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ تَعْلِيمِ صَنَاعَةٍ أَوْ قُرْآنٍ أَوْ شِعْرٍ، فَلاَ يُلْحَقُ بِرَأْسِ الْمَال، وَيُبَاعُ مُرَابَحَةً وَتَوْلِيَةً عَلَى الثَّمَنِ الأَْوَّل الْوَاجِبِ بِالْعَقْدِ الأَْوَّل لاَ غَيْرَ، لأَِنَّ الْعَادَةَ مَا جَرَتْ مِنَ التُّجَّارِ بِإِلْحَاقِ هَذِهِ الْمُؤَنِ بِرَأْسِ الْمَال (١) .

وَوَافَقَ الْمَالِكِيَّةُ عَلَى هَذَا، فَقَالُوا: وَحَسِبَ الْبَائِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي رِبْحَ مَا لَهُ عَيْنٌ قَائِمَةٌ بِالسِّلْعَةِ، أَيْ مُشَاهَدَةٌ بِالْبَصَرِ، كَصَبْغٍ وَطَرْزٍ وَقَصْرٍ وَخِيَاطَةٍ وَفَتْلٍ لِحَرِيرٍ وَغَزْلٍ وَكَمْدٍ - بِسُكُونِ الْمِيمِ أَيْ: دَقِّ الثَّوْبِ لِتَحْسِينِهِ - وَتَطَرِّيهِ، أَيْ جَعْل الثَّوْبِ فِي الطَّرَاوَةِ لِيَلِينَ وَتَذْهَبَ خُشُونَتُهُ، وَكَذَا عَرْكُ الْجِلْدِ الْمَدْبُوغِ لِيَلِينَ، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ عَيْنٌ قَائِمٌ كَأُجْرَةِ حَمْل وَشَدِّ وَطَيِّ ثِيَابٍ وَنَحْوِهَا حَسِبَ أَصْلَهُ فَقَطْ دُونَ رِبْحِهِ إِنْ زَادَ فِي الثَّمَنِ (٢) .

وَكَذَلِكَ قَال الشَّافِعِيَّةُ: يَدْخُل فِي الثَّمَنِ أُجْرَةُ الْكَيَّال وَالدَّلاَّل وَالْحَارِسِ وَالْقَصَّارِ وَالرَّفَّاءِ وَالطَّرَّازِ وَالصَّبَّاغِ وَقِيمَةُ الصَّبْغِ وَسَائِرِ الْمُؤَنِ


(١) بدائع الصنائع ٥ / ٢٢٣، وفتح القدير ٦ / ٤٩٨.
(٢) الشرح الصغير ٣ / ٢١٧، ومواهب الجليل للحطاب ٤ / ٤٨٩ وما بعدها.