للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَكَذَا إِذَا لَمْ يُخْبِرْ أَنَّ الشَّيْءَ الْمَبِيعَ كَانَ بَدَل صُلْحٍ فَلِلْمُشْتَرِي الثَّانِي الْخِيَارُ، وَإِنْ ظَهَرَتِ الْخِيَانَةُ فِي قَدْرِ الثَّمَنِ فِي الْمُرَابَحَةِ، بِأَنْ قَال: اشْتَرَيْتُ بِعَشَرَةٍ، وَبِعْتُكَ بِرِبْحِ كَذَا، ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ كَانَ اشْتَرَاهُ بِتِسْعَةٍ، فَقَال أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ: الْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ: إِنْ شَاءَ أَخَذَهُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ، لأَِنَّ الْمُشْتَرِيَ لَمْ يَرْضَ بِلُزُومِ الْعَقْدِ إِلاَّ بِالْقَدْرِ الْمُسَمَّى مِنَ الثَّمَنِ، فَلاَ يَلْزَمُ بِدُونِهِ، وَيَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ، لِوُجُودِ الْخِيَانَةِ، كَمَا يَثْبُتُ الْخِيَارُ بِعَدَمِ تَحَقُّقِ سَلاَمَةِ الْمَبِيعِ عَنِ الْعَيْبِ.

وَقَال أَبُو يُوسُفَ: لاَ خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي، وَلَكِنْ يَحُطُّ قَدْرَ الْخِيَانَةِ، وَهُوَ دِرْهَمٌ وَحِصَّتُهُ مِنَ الرِّبْحِ، وَهُوَ جُزْءٌ مِنْ عَشَرَةِ أَجْزَاءٍ مِنْ دِرْهَمٍ، لأَِنَّ الثَّمَنَ الأَْوَّل أَصْلٌ فِي بَيْعِ الْمُرَابَحَةِ، فَإِذَا ظَهَرَتِ الْخِيَانَةُ تَبَيَّنَ أَنَّ تَسْمِيَةَ قَدْرِ الْخِيَانَةِ لَمْ تَصِحَّ، فَتَلْغُو التَّسْمِيَةُ فِي قَدْرِ الْخِيَانَةِ وَيَبْقَى الْعَقْدُ لاَزِمًا بِالثَّمَنِ الْبَاقِي (١) .

وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: إِنْ كَذَبَ الْبَائِعُ بِالزِّيَادَةِ فِي الثَّمَنِ، لَزِمَ الْمُبْتَاعَ الشِّرَاءُ إِنْ حَطَّهُ الْبَائِعُ عَنْهُ وَحَطَّ رِبْحَهُ أَيْضًا، وَإِنْ لَمْ يَحُطَّهُ وَرِبْحَهُ عَنْهُ، خُيِّرَ الْمُشْتَرِي بَيْنَ الإِْمْسَاكِ وَالرَّدِّ (٢) .


(١) المبسوط ١٣ / ٨٦، وبدائع الصنائع ٧ / ٣٢٠٦ - ط. الإمام وما بعدها - ط. أولى، وفتح القدير ٥ / ٢٥٦، والدر المختار ٤ / ١٦٣.
(٢) الشرح الصغير ٣ / ٢٢٤.