للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَالْفِعْل أَفْضَل.

وَالضَّابِطُ أَنَّ مَأْخَذَ الْخِلاَفِ، إِنْ كَانَ فِي غَايَةِ الضَّعْفِ فَلاَ نَظَرَ إِلَيْهِ، وَلاَ سِيَّمَا إِذَا كَانَ مِمَّا يُنْقَضُ الْحُكْمُ بِمِثْلِهِ، وَإِنْ تَقَارَبَتِ الأَْدِلَّةُ بِحَيْثُ لاَ يَبْعُدُ قَوْل الْمُخَالِفِ كُل الْبُعْدِ فَهَذَا مِمَّا يُسْتَحَبُّ الْخُرُوجُ مِنْهُ حَذَرًا مِنْ كَوْنِ الصَّوَابِ مَعَ الْخَصْمِ (١) .

وَقَال السُّيُوطِيُّ: شَكَّكَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ عَلَى قَوْلِنَا بِأَفْضَلِيَّةِ الْخُرُوجِ مِنَ الْخِلاَفِ فَقَالُوا: الأَْوْلَوِيَّةُ وَالأَْفْضَلِيَّةُ إِنَّمَا تَكُونُ حَيْثُ سُنَّةٌ ثَابِتَةٌ، وَإِذَا اخْتَلَفَتِ الأُْمَّةُ عَلَى قَوْلَيْنِ: قَوْلٌ بِالْحِل، وَقَوْلٌ بِالتَّحْرِيمِ وَاحْتَاطَ الْمُسْتَبْرِئُ لِدِينِهِ وَجَرَى عَلَى التَّرْكِ حَذَرًا مِنْ وَرَطَاتِ الْحُرْمَةِ لاَ يَكُونُ فِعْلُهُ ذَلِكَ سُنَّةً، لأَِنَّ الْقَوْل بِأَنَّ هَذَا الْفِعْل يَتَعَلَّقُ بِهِ الثَّوَابُ مِنْ غَيْرِ عِقَابٍ عَلَى التَّرْكِ لَمْ يَقُل بِهِ أَحَدٌ، وَالأَْئِمَّةُ كَمَا تَرَى قَائِلٌ بِالإِْبَاحَةِ، وَقَائِلٌ بِالتَّحْرِيمِ فَمِنْ أَيْنَ الأَْفْضَلِيَّةُ (٢) ؟ وَأَجَابَ ابْنُ السُّبْكِيِّ: إِنَّ أَفْضَلِيَّةَ الْخُرُوجِ مِنَ الْخِلاَفِ لَيْسَتْ لِثُبُوتِ سُنَّةٍ خَاصَّةٍ فِيهِ، بَل لِعُمُومِ الاِحْتِيَاطِ وَالاِسْتِبْرَاءِ لِلدِّينِ، وَهُوَ مَطْلُوبٌ شَرْعًا، فَكَانَ الْقَوْل بِأَنَّ الْخُرُوجَ مِنَ الْخِلاَفِ أَفْضَل، ثَابِتًا مِنْ حَيْثُ الْعُمُومِ


(١) المنثور في القواعد للزركشي ٢ / ١٢٨ - ١٢٩.
(٢) الأشباه والنظائر للسيوطي ص١٣٧.