للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مِيقَاتِهَا (١) وَلأَِنَّ أَوْقَاتَ الصَّلاَةِ قَدْ ثَبَتَتْ بِلاَ خِلاَفٍ، وَلاَ يَجُوزُ إِخْرَاجُ صَلاَةٍ عَنْ وَقْتِهَا إِلاَّ بِنَصٍّ غَيْرِ مُحْتَمَلٍ، إِذْ لاَ يَنْبَغِي أَنْ يُخْرَجَ عَنْ أَمْرٍ ثَابِتٍ بِأَمْرٍ مُحْتَمَلٍ.

وَقَال الشَّافِعِيَّةُ فِي الْمَشْهُورِ عِنْدَهُمْ: لاَ يُجْمَعُ لِمَرَضٍ لأَِنَّهُ لَمْ يُنْقَل، وَلِخَبَرِ الْمَوَاقِيتِ فَلاَ يُخَالَفُ إِلاَّ بِصَرِيحٍ (٢) .

وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ وَجُمْهُورُ الْمَالِكِيَّةِ وَبَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ - وَهُوَ مَا اخْتَارَهُ النَّوَوِيُّ - إِلَى جَوَازِ الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلاَتَيْنِ لِلْمَرِيضِ، وَاسْتَدَلُّوا بِمَا وَرَدَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَال: جَمَعَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ وَلاَ مَطَرٍ، وَفِي رِوَايَةٍ: مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ وَلاَ سَفَرٍ (٣) .

وَالْمُرَادُ بِالْمَرَضِ الْمُبِيحُ لِلْجَمْعِ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الْقَيِّمِ هُوَ مَا يَلْحَقُهُ بِتَأْدِيَةِ كُل صَلاَةٍ فِي وَقْتِهَا مَشَقَّةٌ وَضَعْفٌ.

وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ: يَجْمَعُ إِنْ خَافَ أَنْ يَغْلِبَ عَلَى عَقْلِهِ، أَوْ إِنْ كَانَ الْجَمْعُ أَرْفَقَ بِهِ.

وَقَال الدَّرْدِيرُ: مَنْ خَافَ إِغْمَاءً أَوْ حُمَّى


(١) حديث ابن مسعود: " ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى صلاة إلا لميقاتها ". أخرجه مسلم (٢ / ٩٣٨) .
(٢) حاشية ابن عابدين ١ / ٢٥٦، وحاشية الجمل ١ / ٦١٤، وروضة الطالبين ١ / ٤٠١
(٣) حديث ابن عباس: " جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الظهر والعصر. . . ". أخرجه مسلم (١ / ٤٩٠ - ٤٩١) .