للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَاسْتَدَلُّوا بِمَا رَوَى عَاصِمُ بْنُ خَمْرَةَ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال: إِذَا اعْتَكَفَ الرَّجُل فَلْيَشْهَدِ الْجُمُعَةَ، وَلْيَعُدِ الْمَرِيضَ، وَلْيَحْضُرِ الْجِنَازَةَ، وَلْيَأْتِ أَهْلَهُ، وَلْيَأْمُرْهُمْ بِالْحَاجَةِ وَهُوَ قَائِمٌ (١) .

وَأَمَّا إِنْ كَانَ الاِعْتِكَافُ تَطَوُّعًا فَفِي الْمَذْهَبِ الْحَنَفِيِّ رِوَايَتَانِ:

أ - يَفْسُدُ الاِعْتِكَافُ، وَهُوَ رِوَايَةُ الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ لأَِنَّهُ مُقَدَّرٌ بِيَوْمٍ كَالصَّوْمِ، وَلِهَذَا قَال: إِنَّهُ لاَ يَصِحُّ بِدُونِ الصَّوْمِ كَالاِعْتِكَافِ الْوَاجِبِ، وَلأَِنَّ الشُّرُوعَ فِي التَّطَوُّعِ مُوجِبٌ لِلإِْتْمَامِ عَلَى أَصْل الْحَنَفِيَّةِ صِيَانَةً لِلْمُؤَدَّى عَنِ الْبُطْلاَنِ كَمَا فِي صَوْمِ التَّطَوُّعِ، وَبِهِ قَال الْمَالِكِيَّةُ.

ب - لاَ يَفْسُدُ وَهُوَ رِوَايَةُ الأَْصْل، لأَِنَّ اعْتِكَافَ التَّطَوُّعِ غَيْرُ مُقَدَّرٍ، فَلَهُ أَنْ يَعْتَكِفَ سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، أَوْ نِصْفَ يَوْمٍ أَوْ مَا شَاءَ مِنْ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ وَيَخْرُجُ، فَيَكُونُ مُعْتَكِفًا مَا أَقَامَ، تَارِكًا مَا خَرَجَ (٢) .

وَقَال الْحَنَابِلَةُ: يَجُوزُ الْخُرُوجُ لِعِيَادَةِ الْمَرِيضِ، لأَِنَّ كُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا تَطَوُّعٌ فَلاَ يَتَحَتَّمُ وَاحِدٌ مِنْهَا، لَكِنَّ الأَْفْضَل الْمُقَامُ عَلَى اعْتِكَافِهِ، لأَِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ يُعَرِّجُ عَلَى


(١) المغني ٣ / ١٩٥.
(٢) بدائع الصنائع ٢ / ١١٥، وحاشية ابن عابدين ٢ / ١٣١، ١٣٢.