للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الَّذِي يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ، وَالأَْقْرَبُ هَاهُنَا الْمَرَضُ الْمُتَأَخِّرُ زَمَانُهُ عَنْ زَمَانِ الصِّحَّةِ، فَكَانَ الْقَوْل قَوْل مَنْ يَدَّعِي حُدُوثَهَا فِي الْمَرَضِ، إِذْ هُوَ الأَْصْل، وَلَوْ أَرَادَ مُدَّعِي الصِّحَّةِ اسْتِحْلاَفَ مُدَّعِي الْمَرَضِ لَكَانَ لَهُ ذَلِكَ (١) .

وَالثَّانِي لِلشَّافِعِيَّةِ: وَهُوَ أَنَّ الْقَوْل قَوْل مُدَّعِي صُدُورِهَا فِي الصِّحَّةِ، لأَِنَّ الأَْصْل فِي التَّصَرُّفِ السَّابِقِ مِنَ الْمُتَوَفَّى أَنْ يُعْتَبَرَ صَادِرًا فِي حَال صِحَّتِهِ، وَعَلَى مَنْ يَتَمَسَّكُ بِصُدُورِهِ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ يَقَعُ عَبْءُ الإِْثْبَاتِ (٢) .

الْحَالَةُ الثَّانِيَةُ: وَهِيَ مَا إِذَا اقْتَرَنَتْ دَعْوَى كُلٍّ مِنْهُمَا بِالْبَيِّنَةِ، وَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ عَلَى قَوْلَيْنِ:

أَحَدُهُمَا لِلْحَنَفِيَّةِ: وَهُوَ أَنَّهُ تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ وُقُوعِهَا فِي حَال الصِّحَّةِ عَلَى بَيِّنَةِ وُقُوعِهَا فِي الْمَرَضِ، لأَِنَّ الأَْصْل اعْتِبَارُ حَالَةِ الْمَرَضِ، لأَِنَّهُ حَادِثٌ، وَالأَْصْل إِضَافَةُ الْحَادِثِ إِلَى أَقْرَبِ وَقْتٍ مِنَ الْحُكْمِ الَّذِي يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ، وَالأَْقْرَبُ هُوَ الْمَرَضُ الْمُتَأَخِّرُ زَمَانُهُ عَنِ الصِّحَّةِ، فَلِهَذَا كَانَتِ الْبَيِّنَةُ الرَّاجِحَةُ بَيِّنَةَ مَنْ يَدَّعِي حُدُوثَهَا فِي زَمَانِ الصِّحَّةِ، إِذِ الْبَيِّنَاتُ شُرِعَتْ لإِِثْبَاتِ


(١) جامع الفصولين ٢ / ١٨٣ ط. بولاق، والأشباه والنظائر لابن نجيم ص٢٥٨ ط. الحلبي، والعقود الدرية في تنقيح الفتاوى الحامدية ٢ / ٥٤، ٨٠ والإنصاف للمرداوي ٧ / ١٧٤.
(٢) نهاية المحتاج ٥ / ٤١٤، والبجيرمي على المنهج ٣ / ٢٧٤، ومغني المحتاج ٣ / ٥٠.