للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَذَلِكَ صِيَامُ الدَّهْرِ كُلِّهِ، وَإِنَّ الْحَسَنَةَ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا (١) .

وَقَال النَّوَوِيُّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ: وَيُكْرَهُ أَنْ يَقُومَ كُل اللَّيْل دَائِمًا، لِلْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ فِي الْكِتَابِ، فَإِنْ قِيل: مَا الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ صَوْمِ الدَّهْرِ - غَيْرِ أَيَّامِ النَّهْيِ - فَإِنَّهُ لاَ يُكْرَهُ عِنْدَنَا؟ فَالْجَوَابُ أَنَّ صَلاَةَ اللَّيْل كُلِّهِ دَائِمًا يُضِرُّ الْعَيْنَ وَسَائِرَ الْبَدَنِ، كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ، بِخِلاَفِ الصَّوْمِ فَإِنَّهُ يَسْتَوْفِي فِي اللَّيْل مَا فَاتَهُ مِنْ أَكْل النَّهَارِ، وَلاَ يُمْكِنُهُ نَوْمُ النَّهَارِ إِذَا صَلَّى اللَّيْل، لِمَا فِيهِ مِنْ تَفْوِيتِ مَصَالِحِ دِينِهِ وَدُنْيَاهُ. هَذَا حُكْمُ قِيَامِ اللَّيْل دَائِمًا، فَأَمَّا بَعْضُ اللَّيْل فَلاَ يُكْرَهُ إِحْيَاؤُهُ، (٢) فَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا دَخَل الْعَشْرُ الأَْوَاخِرُ مِنْ رَمَضَانَ أَحْيَا اللَّيْل (٣) وَاتَّفَقَ أَصْحَابُنَا عَلَى إِحْيَاءِ لَيْلَتَيِ الْعِيدَيْنِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.


(١) حديث: " ألم أخبر أنك تقوم الليل وتصوم النهار. . . " أخرجه البخاري ومسلم بعدة طرق من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص. ولفظ البخاري في إحدى الروايات: " يا عبد الله، ألم أخبر أنك تصوم النهار، وتقوم الليل؟ فقلت: بلى يا رسول الله، قال: فلا تفعل، صم وأفطر، وقم ونم، فإن لجسدك عليك حقا، وإن لعينك عليك حقا، وإن لزوجك عليك حقا، وإن لزورك عليك حقا، وإن بحسبك أن تصوم كل شهر ثلاثة أيام، فإن لك بكل حسنة عشر أمثالها، فإذن ذلك صيام الدهر كله. . . " الحديث (فتح الباري ٣ / ٢١٧ ط السلفية، وصحيح مسلم بتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي ٢ / ٨١٢ - ٨١٨ ط عيسى الحلبي) .
(٢) المجموع ٤ / ٤٤، ٤٥ ط المنيرية.
(٣) حديث: " أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل العشر الأواخر من رمضان أحيا الليل ". أخرجه البخاري ومسلم من حديث عائشة رضي الله عنها، ولفظ البخاري " كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر شد مئزره، وأحيا ليله، وأيقظ أهله " (فتح الباري ٤ / ٢٦٩ ط السلفية، وصحيح مسلم بتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي ٢ / ٨٣٢ ط عيسى الحلبي) .