للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مِنْ شَخْصٍ دُونَ آخَرَ، وَفِي قُطْرٍ دُونَ آخَرَ، وَفِي حَالٍ دُونَ آخَرَ، فَحَمْل الطَّعَامِ لِلْبَيْتِ وَالْمَاءِ شُحًّا يَخْرِمُ الْمُرُوءَةَ، بِخِلاَفِ حَمْلِهَا اقْتِدَاءً بِالسَّلَفِ، وَلُبْسُ فَقِيهٍ قَبَاءً أَوْ قَلَنْسُوَةً فِي بَلَدٍ لاَ يُعْتَادُ لِلْفَقِيهِ لُبْسُهَا يَخْرِمُ الْمُرُوءَةَ، وَالتَّقَشُّفُ فِي الْمَأْكَل وَالْمَشْرَبِ وَالْمَلْبَسِ لِلْوَاجِدِ شُحًّا يَخْرِمُهَا، بِخِلاَفِ مَا إِذَا فَعَل ذَلِكَ تَوَاضُعًا لِلَّهِ وَكَسْرًا لِلنَّفْسِ (١) .

٥ - النَّوْعُ الثَّانِي: الصِّنَاعَاتُ الدَّنِيئَةُ:

لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّ الاِحْتِرَافَ بِصَنِعَةٍ يَحْرُمُ الاِحْتِرَافُ بِهَا شَرْعًا تُسْقِطُ الْمُرُوءَةَ وَالْعَدَالَةَ.

وَاخْتَلَفُوا فِي سُقُوطِ الْمُرُوءَةِ بِالاِحْتِرَافِ بِصَنِعَةِ دَنِيئَةٍ عُرْفًا مُبَاحَةٍ شَرْعًا.

فَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّ الاِحْتِرَافَ بِصَنِعَةٍ دَنِيئَةٍ عُرْفًا تَنْخَرِمُ الْمُرُوءَةُ بِهَا وَإِنْ كَانَتْ مُبَاحَةً شَرْعًا، كَحِجَامَةِ وَكَنْسٍ لِزِبْلٍ وَنَحْوِهِ وَدَبْغٍ وَكَقَيِّمِ حَمَّامٍ وَحَارِسٍ وَقَصَّابٍ وَإِسْكَافٍ مِمَّنْ لاَ تَلِيقُ بِهِ، وَلَيْسَتْ مِهْنَةَ آبَائِهِ وَلَمْ يَتَوَقَّفْ عَلَيْهَا قُوتُهُ وَقُوتُ عِيَالِهِ، لإِِشْعَارِ ذَلِكَ بِقِلَّةِ مُرُوءَتِهِ، أَمَا إِذَا كَانَ مِمَّنْ تَلِيقُ بِهِ أَوْ كَانَتْ حِرْفَةَ آبَائِهِ أَوْ تَوَقَّفَ عَلَيْهَا قُوتُهُ وَقُوتُ عِيَالِهِ فَلاَ


(١) مغني المحتاج ٤ / ٤٣١، وشرح المنهج ٥ / ٣٨٢، والمراجع السابقة.