للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَدْ نَقَل الْقُرْطُبِيُّ (١) فِي الْحَضِّ عَلَى تَقْلِيل الطَّعَامِ مَا ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَال لأَِبِي جُحَيْفَةَ حِينَمَا أَتَاهُ يَتَجَشَّأُ: اُكْفُفْ عَلَيْكَ مِنْ جُشَائِكَ أَبَا جُحَيْفَةَ، فَإِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ شِبَعًا فِي الدُّنْيَا أَطْوَلُهُمْ جُوعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ (٢) . وَهَذَا الْقَدْرُ مِمَّا لاَ خِلاَفَ فِيهِ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ.

وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: يُطْلَبُ تَخْفِيفُ الْمَعِدَةِ بِتَقْلِيل الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ عَلَى قَدْرٍ لاَ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ ضَرَرٌ وَلاَ كَسَلٌ عَنْ عِبَادَةٍ، فَقَدْ يَكُونُ لِلشِّبَعِ سَبَبًا فِي عِبَادَةٍ فَيَجِبُ، وَقَدْ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ تَرْكُ وَاجِبٍ فَيَحْرُمُ، أَوْ تَرْكُ مُسْتَحَبٍّ فَيُكْرَهُ. (٣)


(١) القرطبي ٧ / ١٩٤.
(٢) حديث: " أكفف عليك من جشائك أبا جحيفة. . . " أخرجه الحاكم من حديث أبي جحيفة أنه قال: أكلت ثريدة من خبز بر ولحم سمين، ثم أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فجعلت أتجشأ، فقال: ما هذا كف من جشائك، فإن أكثر الناس شبعا أكثرهم في الآخرة جوعا " قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وتعقبه الحاكم بقوله: فهد قال المديني كذاب، وعمر هالك. قال المنذري: بل واه جدا، فيه فهد بن عوف، وعمر بن موسى، لكن رواه البزار بإسنادين رواة أحدهما ثقات. ورواه ابن أبي الدنيا والبيهقي والطبراني في الكبير والأوسط ببعض الزيادات. قال الهيثمي: في أحد أسانيد معجم الطبراني الكبير محمد بن خالد الكوفي ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات (المس والترغيب والترهيب ٤ / ١٩٩ ط مطبعة السعادة ١٣٨٠ هـ، ومجمع الزوائد ٥ / ٣١ نشر مكتبة القدسي) .
(٣) بلغة السالك ٤ / ٧٥٢.