للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شَخْصَيْنِ، فَيَكُونُ صَحِيحًا فِي حَقِّ أَحَدِهِمَا وَفَاسِدًا فِي حَقِّ الآْخَرِ.

أَمَّا لَوْ كَانَ الْبَذْرُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ مِنْ صَاحِبِ الأَْرْضِ فَإِنَّ الْمُزَارَعَةَ تَقَعُ صَحِيحَةً فِي حَقِّ الْجَمِيعِ وَيَكُونُ الْخَارِجُ بَيْنَهُمَا عَلَى الشَّرْطِ، لأَِنَّ صَاحِبَ الأَْرْضِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَصِيرُ مُسْتَأْجِرًا لِلْعَامِلَيْنِ مَعًا، وَالْجَمْعُ بَيْنَ اسْتِئْجَارِ الْعَامِلَيْنِ لاَ يَقْدَحُ فِي صِحَّةِ عَقْدِ الْمُزَارَعَةِ وَإِذَا صَحَّ الْعَقْدُ كَانَ النَّمَاءُ عَلَى الشَّرْطِ، هَذَا مَا ذَكَرَهُ الْحَنَفِيَّةُ (١) .

٣٢ - إِذَا قَال صَاحِبُ الأَْرْضِ لِرَجُلٍ: أَنَا أَزْرَعُ الأَْرْضَ بِبَذْرِي، وَعَوَامِلِي، وَيَكُونُ سَقْيُهَا مِنْ مَائِكَ، وَالزَّرْعُ بَيْنَنَا، فَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ رِوَايَتَانِ:

إِحْدَاهُمَا: لاَ تَصِحُّ، لأَِنَّ مَوْضِعَ الْمُزَارَعَةِ أَنْ يَكُونَ الْعَمَل مِنْ أَحَدِهِمَا وَالأَْرْضُ مِنَ الآْخَرِ، وَلَيْسَ مِنْ صَاحِبِ الْمَاءِ هُنَا أَرْضٌ وَلاَ عَمَلٌ، لأَِنَّ الْمَاءَ لاَ يُبَاعُ وَلاَ يُشْتَرَى وَلاَ يُسْتَأْجَرُ، فَكَيْفَ تَصِحُّ بِهِ الْمُزَارَعَةُ؟

وَقَدِ اخْتَارَ هَذِهِ الرِّوَايَةَ كُلٌّ مِنَ الْقَاضِي وَابْنُ قُدَامَةَ، وَعَلَّل الأَْخِيرُ هَذَا الاِخْتِيَارَ بِأَنَّ هَذَا لَيْسَ بِمَنْصُوصٍ عَلَيْهِ وَلاَ فِي مَعْنَى الْمَنْصُوصِ.

وَالثَّانِيَةُ: تَصِحُّ الْمُزَارَعَةُ، لأَِنَّ الْمَاءَ أَحَدُ الأَْشْيَاءِ الَّتِي يَحْتَاجُهَا الزَّرْعُ، فَجَازَ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَحَدِهِمَا كَالأَْرْضِ وَالْعَمَل، وَقَدِ اخْتَارَ هَذِهِ


(١) بدائع الصنائع ٦ / ١٨٠.