للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خَاصَّةً، لأَِنَّهُ هُوَ الْمُتْلِفُ، فَأَمَّا الْوَكِيل فَغَاصِبٌ وَالْعَقَارُ عِنْدَهُ لاَ يُضْمَنُ بِالْغَصْبِ، ثُمَّ يَرْجِعُ الْمُزَارِعُ عَلَى الْوَكِيل لِلْغُرُورِ.

فَإِنْ كَانَ حَابَى فِيهِ بِمَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهِ، فَالْخَارِجُ بَيْنَ الْمُزَارِعِ وَرَبِّ الأَْرْضِ عَلَى الشَّرْطِ، وَالْوَكِيل هُوَ الَّذِي قَبَضَ نَصِيبَ الْمُوَكِّل لأَِنَّهُ هُوَ الَّذِي أَجَّرَ الأَْرْضَ.

وَإِنَّمَا وَجَبَ نَصِيبُ رَبِّ الأَْرْضِ بِعَقْدِهِ فَهُوَ الَّذِي يَلِي قَبْضَهُ، وَلَيْسَ لِرَبِّ الأَْرْضِ أَنْ يَقْبِضَهُ إِلاَّ بِوَكَالَةٍ مِنَ الْوَكِيل (١) .

وَإِذَا وَكَّلَهُ وَلَمْ يُحَدِّدْ لَهُ مُدَّةً لِلْمُزَارَعَةِ جَازَ لِلْوَكِيل أَنْ يَدْفَعَهَا مُزَارَعَةً سَنَتَهُ الأُْولَى، فَإِنْ دَفَعَهَا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ أَوْ بَعْدَ هَذِهِ السَّنَةِ وَلَمْ يَدْفَعْ هَذِهِ السَّنَةَ الأُْولَى، لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ اسْتِحْسَانًا، وَإِنَّمَا يَجُوزُ قِيَاسًا.

وَجْهُ الْقِيَاسِ: أَنَّ التَّوْكِيل مُطْلَقٌ عَنِ الْوَقْتِ فَفِي أَيِّ سَنَةٍ وَفِي أَيِّ مُدَّةٍ دَفَعَهَا لَمْ يَكُنْ فِعْلُهُ مُخَالِفًا لِمَا أَمَرَ بِهِ مُوَكِّلُهُ فَجَازَ.

وَوَجْهُ الاِسْتِحْسَانِ: أَنَّ دَفْعَ الأَْرْضِ مُزَارَعَةً يَكُونُ فِي وَقْتٍ مَخْصُوصٍ مِنَ السَّنَةِ عَادَةً وَالتَّقْيِيدُ الثَّابِتُ بِالْعُرْفِ فِي الْوَكَالَةِ كَالثَّابِتِ بِالنَّصِّ، فَإِذَا دَخَلَهُ التَّقْيِيدُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ يُحْمَل عَلَى أَخَصِّ الْخُصُوصِ، وَهُوَ وَقْتُ الزِّرَاعَةِ مِنَ السَّنَةِ الأُْولَى (٢) .


(١) المبسوط ٢٣ / ١٣٧.
(٢) المبسوط ٢٣ / ١٣٧.