للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نَهَيْتُكُمْ عَنِ الأَْشْرِبَةِ أَنْ لاَ تَشْرَبُوا إِلاَّ فِي ظُرُوفِ الأُْدُمِ فَاشْرَبُوا فِي كُل وِعَاءٍ غَيْرَ أَنْ لاَ تَشْرَبُوا مُسْكِرًا (١) ". وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى نَسْخِ النَّهْيِ وَلاَ حُكْمَ لِلْمَنْسُوخِ (٢) .

قَال النَّوَوِيُّ فِي تَعْلِيقِهِ عَلَى حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ نَهَى عَنِ الْمُزَفَّتِ وَالْحَنْتَمِ وَالنَّقِيرِ (٣) كَانَ الاِنْتِبَاذُ فِي هَذِهِ الأَْوْعِيَةِ (الْمُزَفَّتِ وَالدُّبَّاءِ وَالْحَنْتَمِ وَالنَّقِيرِ) مَنْهِيًّا عَنْهُ فِي أَوَّل الإِْسْلاَمِ خَوْفًا مِنْ أَنْ يَصِيرَ مُسْكِرًا فِيهَا وَلاَ نَعْلَمُ بِهِ لِكَثَافَتِهَا فَتُتْلِفُ مَالِيَّتَهُ، وَرُبَّمَا شَرِبَهُ الإِْنْسَانُ ظَانًّا أَنَّهُ لَمْ يَصِرْ مُسْكِرًا فَيَصِيرُ شَارِبًا لِلْمُسْكِرِ وَكَانَ الْعَهْدُ قَرِيبًا بِإِبَاحَةِ الْمُسْكِرِ فَلَمَّا طَال الزَّمَانُ وَاشْتُهِرَ تَحْرِيمُ الْمُسْكِرِ وَتَقَرَّرَ ذَلِكَ فِي نَفُوسِهِمْ نُسِخَ ذَلِكَ وَأُبِيحَ لَهُمُ الاِنْتِبَاذُ فِي كُل وِعَاءٍ بِشَرْطِ أَنْ لاَ يَشْرَبُوا مُسْكِرًا، وَهَذَا صَرِيحُ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ بُرَيْدَةُ الْمَذْكُورِ (٤) .

قَال ابْنُ بَطَّالٍ: النَّهْيُ عَنِ الأَْوْعِيَةِ إِنَّمَا كَانَ قَطْعًا لِلذَّرِيعَةِ فَلَمَّا قَالُوا: لاَ نَجِدُ بُدًّا مِنَ الاِنْتِبَاذِ فِي الأَْوْعِيَةِ قَال: " انْتَبِذُوا وَكُل مُسْكِرٍ


(١) حديث بريدة: " كنت نهيتكم عن الأشربة. . . ". أخرجه مسلم (٣ / ١٥٨٥) .
(٢) المجموع ٢ / ٥٦٦ نشر المكتبة السلفية، والمغني لابن قدامة ٨ / ٣١٨ نشر مكتبة الرياض الحديثة.
(٣) حديث أبي هريرة: " إنه نهى عن المزفت. . . ". أخرجه مسلم (٣ / ١٥٣٧ - ١٥٣٨) .
(٤) صحيح مسلم بشرح النووي ١٣ / ١٥٩.