للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْمَالِكُ الْعَقْدَ قَبْل ظُهُورِ الثِّمَارِ فَقَدْ فَاتَ عَمَل الْعَامِل وَذَهَبَ سُدًى (١) .

وَظَاهِرُ مَذْهَبِ الْحَنَابِلَةِ أَنَّ الْمُسَاقَاةَ عَقْدٌ جَائِزٌ غَيْرُ لاَزِمٍ، وَهُوَ قَوْل السُّبْكِيِّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ (٢) وَاسْتَدَلُّوا بِأَدِلَّةٍ مِنْهَا: حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: فِي مُعَامَلَةِ أَهْل خَيْبَرَ بِشَطْرِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا مِنْ ثَمَرٍ أَوْ زَرْعٍ، وَوَرَدَ فِيهِ: نُقِرُّكُمْ بِهَا عَلَى ذَلِكَ مَا شِئْنَا (٣) "، وَلَوْ كَانَتْ عَقْدًا لاَزِمًا لَمْ يَجُزْ أَنْ يَجْعَل الْخِيَرَةَ إِلَيْهِ فِي مُدَّةِ إِقْرَارِهِمْ، وَلَمَا جَازَ أَيْضًا أَنْ تَكُونَ مِنْ غَيْرِ تَوْقِيتٍ.

كَمَا اسْتَدَلُّوا بِأَنَّهَا عَقْدٌ عَلَى جُزْءٍ مِنْ نَمَاءِ الْمَال فَكَانَتْ جَائِزَةً غَيْرَ لاَزِمَةٍ كَالْمُضَارَبَةِ (٤) .

وَتَفَرَّعَ عَلَى الْقَوْل بِاللُّزُومِ أَحْكَامٌ مِنْهَا: أَنَّهُ لاَ يَمْلِكُ أَحَدُ الْمُتَعَاقِدَيْنِ الاِسْتِقْلاَل بِفَسْخِ الْمُسَاقَاةِ إِلاَّ مِنْ عُذْرٍ وَلاَ الاِمْتِنَاعَ مِنَ التَّنْفِيذِ إِلاَّ بِرِضَا الطَّرَفِ الآْخَرِ، وَأَنَّهُ لاَ يَجُوزُ لِمَالِكِ الشَّجَرِ إِخْرَاجُ الْعَامِل إِلاَّ مِنْ عُذْرٍ (٥) .

وَكَذَلِكَ تَرَتَّبَ عَلَى الْقَوْل " بِعَدَمِ اللُّزُومِ "


(١) مغني المحتاج ٣ / ٣٢٩، وبدائع الصنائع ٦ / ١٨٦، وحاشية الدسوقي ٣ / ٥٤٥، ٥٤٦.
(٢) مغني المحتاج ٣ / ٣٣٠، وكشاف القناع ٣ / ٥٣٧.
(٣) حديث: " نقركم بها على ذلك ما شئنا. . ". أخرجه البخاري (فتح الباري ٦ / ٢٥٢) ومسلم (٣ / ١١٨٧ - ١١٨٨) واللفظ لمسلم.
(٤) كشاف القناع ٣ / ٥٣٧.
(٥) المبسوط ٢٣ / ١٠١، وبدائع الصنائع ٦ / ١٨٧، ورد المحتار ٥ / ١٨١ ط. بولاق، والشرح الكبير للدردير ٣ / ٥٤٥ - ٥٤٦.